في ندوة للعرض بالإسكندرية المخرج: أخرجت 88 عرضا و«أبو كبسولة» الأصعب على الإطلاق!

في ندوة للعرض بالإسكندرية المخرج: أخرجت 88 عرضا و«أبو كبسولة» الأصعب على الإطلاق!

العدد 595 صدر بتاريخ 21يناير2019

لأول مرة خارج حدود القاهرة يقيم المركز القومي للمسرح والموسيقي والفنون الشعبية لمديره الفنان القدير ياسر صادق، ندوة نقدية لمناقشة العرض المسرحي “أبو كبسولة”، وذلك الأسبوع قبل الماضي على خشبة مسرح بيرم التونسي بالإسكندرية ضمن الندوات الشهرية التي يقيمها المركز. تحدث فيها الناقدان محمد غنيم وأبو الحسن سلام وصناع العرض المخرج محمد مرسي والكاتب محمد الصواف والنجم مصطفى أبو سريع، وأدار الندوة الباحث علي داود.
«أبو كبسولة» إنتاج فرقة الإسكندرية تم افتتاحة في عيد الأضحى الماضي واستمر لمدة ستة مواسم متتالية محققا أعلى إيرادات في 2018. تدور أحداثه حول مخترع مصري يخترع كبسولة إذا أخذها الإنسان استغنى بها عن الطعام لمدة 24 ساعة. لم يجد من يؤمن بهذه الفكرة في بلاده مما دعا بعض المستثمرين الأجانب وتجار الدين في بلاد أخرى إلى محاولة إجبارة على بيع هذا الاختراع إلا أنه رفض وفضل أن يقتل في النهاية، في إشارة من مؤلف العرض إلى أن العلماء والمبتكرين في بلادنا غير قادرين على تحقيق أحلامهم.
وجه الناقد محمد غنيم الشكر والتقدير للمركز القومي للمسرح على توثيقه لتلك العروض وإقامة الندوات النقدية التي تناقش عروض البيت الفني للمسرح بصفة عامة وعرض “أبو كبسولة” الذي يعرض على خشبة مسرح بيرم التونسي بمدينة الإسكندرية بصفة خاصة.
قال غنيم إننا بصدد عرض نجح جماهيريا حتى الآن، وهو يقارب الـ100 ليلة عرض محققا أعلى إيرادات في مسرح الدولة 2018، مما يفرض على المسئولين في وزارة الثقافة والبيت الفني للمسرح مسئولية أكبر تجاه فرقة الإسكندرية التي لا بد أن تدعم بالدعم الكافي لكي تستمر في تقديم تلك العروض الناجحة لجماهير الإسكندرية العاشقة للمسرح، وأن تعود فرقة إسكندرية ومسرح بيرم التونسي لهدفها الأساسي الذي أنشئت من أجله على يد سالم بك الألفي، مضيفا أن العرض كان مكتمل العناصر لذا حقق هذا النجاح، وأن بطل العرض مصطفى أبو سريع ابن الإسكندرية فنان شامل استطاع لفت الأنظار له من خلال هذا العمل بمشاركة بقية نجوم العرض، مؤكدا أنه أصبح يتابع جميع أعمال أبو سريع بعد مشاهدة العرض أول مرة، واصفا إياه بالبطل الذي يستحق كل التحية والتقدير على أدائه المتميز، وأنه يمتلك موهبة ودراسة تجعله يصبح نجم شباك في المستقبل القريب.
تابع: استخدم المخرج محمد مرسي الفانتازيا الافتراضية في هذا العرض من خلال حلم استطاع المؤلف أن يستعرض فيه بعض الهموم والمشكلات المصرية المختلفة مثل السياسة والدين والإعلام وطرح علامات استفهام عدة، وقدم هذه القضايا بكل جرأة دون خوف من بطش الرقابة، مشيرا إلى ملاحظة وحيدة وهي مدة العرض التي قاربت على الـ4 ساعات، مما أصاب البعض من الجماهير بالملل، وقد يفقد الجمهور تركيزه خلال هذه المدة لكثرة المشاهد والأحداث.
أشاد غنيم باختيار المخرج لكل أبطال العمل وعن اختيار النجمين الكبيرين علاء زينهم وحسن عبد الفتاح، أكد غنيم أنه ذكاء من المخرج لأنها أسماء كبيرة في مجال المسرح وأداة جذب قوية للجمهور، مطالبا المخرج الصاعد محمد مرسي أن يستمر في هذا النجاح وأن ينتبه فقط لموهبته وإبداعاته في مجال الإخراج المسرحي.
وفي سياق آخر، طالب غنيم قيادات وزارة الثقافة بأن تمنح هذه الكوادر الشابة التي تملك موهبة حقيقية مثل النجم مصطفى أبو سريع فرصة الانفتاح على العالم وترسلهم في بعثات إلى الخارج، ليس فقط على مستوى التمثيل بل على مستوى كل عناصر المسرح من صوت وإضاءة وديكور وتأليف وإخراج وغيره. ووجه في النهاية التحية والشكر للشباب السكندري المشارك في العرض المسرحي وطالبهم أن تكون هذه الندوة بمثابة محاضرة عن المسرح وأن يستفيد منها من يريد استكمال مشواره الفني على خشبات المسارح.. كما وجه الشكر أيضا للمركز القومي للمسرح على الجهد المبذول لإقامة هذه الندوة وتوثيق العرض.
وفي السياق ذاته، قدم الناقد المسرحي أبو الحسن سلام التحية لمدير فرقة الإسكندرية المخرج سامح بسيوني على هذا العرض الذي حقق نجاحا غير مسبوق على خشبة مسرح بيرم التونسي وتحقيق أعلى إيرادات في البيت الفني للمسرح هذا العام.
استعرض أبو الحسن سلام بعض الذكريات التي جمعت بينه وبطل العرض مصطفى أبو سريع عندما كان أبو سريع طالبا من طلابه أثناء دراستة للمسرح، مشيرا إلى ما فعله أبو سريع يوم الامتحان حيث أحضر معه نصف سيارة إلى اللجنة مما أدهش أعضاء اللجنة المكونة من الفنان سعد أردش وأحمد زكي وأبو الحسن سلام ورفضوا دخول السيارة إلى لجنة الامتحان، ولكن هذا الرفض أثار غضب أبو سريع ورفض إتمام الامتحان حتى استكمال المشهد قائلا إن العرض أهم من الامتحان، وبالفعل وافقت اللجنة على استكمال الامتحان بناء على رغبته.
وقال أبو الحسن سلام إن مؤلف النص كان يحمل فكرة تمددت وفق أسلوب معين قد لا يدركه المؤلف ولكنه وضع في النص عناصر التشويق والتوتر وغيرها وفقا لأسلوب الفانتازيا كما أشار الناقد محمد غنيم، مضيفا أن العرض يقع أيضا تحت ما يسمى بالخيال الهروبي وهو الهروب من الواقع الذي يريد أن يهرب منه الإنسان من خلال «حلم» وهو بالفعل ما حدث في هذا النص الذي يحاكي واقعا حقيقيا وهو أن هناك مبدعين ومبتكرين لم تتح لهم الفرصة في مصر لإثبات ذاتهم، فمن الطبيعي أن تتبنى الدول المعادية هؤلاء المبدعين لحرمان مصر من ثمرة نتاجهم، فأشار المؤلف إلى أنه لا بد أن تتبنى مصر أولادها من العلماء والمبدعين وأن تستفيد بهذه الطاقات العلمية، ولكنه وضع ذلك في إطار سياسي واضح في بعض الأحيان وغير مباشر في أوقات أخرى ولكن براعة النجم مصطفى أبو سريع في الأداء جعلت المتلقي لا يشعر بأي سلبية قد تكون وردت في العرض.
وعن المخرج محمد مرسي قال إنه مخرج مترجم كان قادرا على ترجمة ما أراده المؤلف في النص المسرحي كما هو عن طريق الدراما المفتعلة وعدم التصاعد المنطقي للأحداث وأحيانا الارتجال والايحاء الجنسي بما لا يخدش الآداب العامة، كما أتاح المخرج فرصة أن يندمج التمثيل بالغناء التي أحيانا ما تكون من المشكلات التي تواجه أي مخرج إذا لم يجد ممثلا يمتلك أكثر من طاقة؛ طاقه التمثيل وطاقة الغناء والقدرة على إمكانية التخلص من كونه ممثلا في موقف ما ومغنيا في موقف آخر، مؤكدا أن النجم الشاب مصطفى أبو سريع كان قادرا على تحقيق هذه المعادلة ليخرج العرض في مجمله أقرب إلى عرض المسرح الشامل، مشيرا إلى أن نهاية العمل بأنها غير درامية بسبب أنه فضل أن يقتل على أن يوقع للعدو على اتفاقية بيع الاختراع. وعن الموسيقى قال إن هناك ضمن الألحان التي جاءت في العرض لحنا (ملطوش) من الراحل سيد درويش وهذا لا يعيب العمل إذا تمت الإشارة إليه، بينما أوضح سلام أن الإضاءة لعبت دورا مهما ولكن هناك بعض الملاحظات التي كان يجب على المخرج تفاديها بوضع بؤرة ضوء على البطل عندما كان منفردا بالحديث في أحد المشاهد، مؤكدا في نهاية حديثه أن البطل مصطفى أبو سريع كان قادرا وبجدارة أن يقود العرض إلى النجاح مع باقي نجوم العرض.
بينما أعرب مؤلف النص الكاتب محمد الصواف عن سعادته بهذه الندوة النقدية وآراء النقاد، قائلا إن النص عندما يكتب على الورق فهو جثة بلا روح، وتنبض بالحياة من خلال المخرج ومجموعة الممثلين، وإذا أخرجه شخص آخر وممثلون آخرون كان من الممكن أن يسير في طريق آخر وشكل آخر تماما، مؤكدا أن المخرج والممثلين كانوا سببا رئيسيا في نجاح العرض وأن يلاقي استحسان الجماهير.
وأضاف أن الفنان مصطفى أبو سريع آمن بهذا النص من الوهلة الأولى عندما قرأة كما آمن به أيضا المخرج سامح بسيوني مدير فرقة الإسكندرية والمخرج محمد مرسي الذين بذلوا قصارى جهدهم لخروج هذا العمل بهذا الشكل، كذلك مجموعة الأبطال المشاركين، وهذا هو سر نجاح العمل. أوضح الصواف أن النص كان يطرح قضايا سياسية حادة بشكل مباشر ولكن براعة المخرج والممثلين استطاعوا كسر هذه الحدة وطرح الموضوع بشكل أبسط مما تصورته، مؤكدا أنه من البداية كتب هذا النص ليحقق المعادلة الصعبة وهو أن ينتج في القطاع العام بروح وجماهيرية القطاع الخاص، موجها الشكر لكل من ساهم في خروج هذا العمل إلى النجاح.
المخرج محمد مرسي قال إن هذا العرض هو رقم 88 له كمخرج مسرحي ولكنه هو التجربة الأصعب على الإطلاق وقد تحمل على عاتقه أمرين مهمين للغاية؛ الأول هو النجم مصطفى أبو سريع الذي يعلم تماما إمكانياته الفنية والإبداعية وكيفية تقديمه للجمهور على خشبة المسرح بشكل يليق به كمبدع، والأمر الآخر هو المخرج سامح بسيوني مدير فرقة الإسكندرية، وهذا هو الإنتاج الأول لفرقة إسكندرية تحت إدارته، فكان لا بد أن يخرج العرض بصورة ناجحة تماما حتى لا أسبب أي ضرر لهؤلاء النجوم في بداية الطريق.
أضاف مرسي أنه تناول هذا العمل وهو مقرر أنه لكل أفراد الأسرة المصرية، وقد حظي العرض بجماهيرية كبيرة واستحسان الجماهير دون استخدام أي إسفاف أو خروج عن الآداب العامة، مشيرا إلى أن عروض القطاع الخاص التي حققت نجاحا جماهيرا كالزعيم وريا وسكينة وغيرهما كانت تتخطى الـ4 ساعات دون الشعور بملل لدى المتلقي، مؤكدا أيضا أن هدفه في البداية هو أن يقدم عرضا مسرحيا يحمل رساله تقدم على خشبة المسرح لمدة لا تقل عن 3 أو 4 ساعات. اختتم مرسي حديثه بأن كل ممثل شارك في العرض حتى ولو بكلمة واحدة لا تقل أهميته عن بطل العرض.
الفنان مصطفى أبو سريع قال إن بداية أحلامه هو أن يدخل مسرح بيرم التونسي ليشاهد عرضا مسرحيا وكان متابعا جيدا للحركة المسرحية وهو في مرحلة الثانوية العامة.
وأضاف أنه كان دائما يتطلع للتعرف على أشخاص يعملون في مجال المسرح حتى يسهل دخوله المسارح المختلفة، واليوم هو بطل على خشبة هذا المسرح. أوضح أن كل طموحاته هي المسرح أبو الفنون وكان سعيدا عندما هاتفه المخرج سامح بسيوني ليبلغه بأنه أصبح مديرا لفرقة إسكندرية مما دفع أبو سريع لتحقيق حلمه وهو أن يمثل على خشبة مسرح بيرم التونسي لأول مرة، وقد كان.
تابع أنه تفاعل مع النص عندما قرأه لأول مرة بعد أن آمن بهذه الفكرة التي تحمل في جعبتها الكثير من الرسائل والأفكار البسيطة، يوجد بها كوميديا وحوار مسرحي هام وقد بدأ مباشرة بالعمل عليه. معربا في نهاية حديثه عن سعادته بردود أفعال الجماهير اتجاه العرض وأن نجاح هذا العرض هو نجاح سكندري كامل ليس فقط نجاحا لصناع العمل.
«أبو كبسولة» بطولة مصطفى أبو سريع، حسن عبد الفتاح، علاء زينهم، نورين كريم، إسلام عبد الشفيع، أحمد السيد وأبطال فرقة الإسكندرية، ألحان كريم عرفة، توزيع موسيقي أيمن التركي، أشعار مصطفى أبو سريع، ديكور وملابس وائل عبد لله، إضاءة إبراهيم الفرن، استعراضات محمد ميزو، من تأليف محمد الصواف، وإخراج محمد مرسي.

 


محمود عبد العزيز