2018 في ميزان المسرحيين

2018 في ميزان المسرحيين

العدد 592 صدر بتاريخ 31ديسمبر2018

ونحن مقبلون على عام ميلادي جديد لا نعلم ماذا يخبئ لنا المسرح المصري، لذا علينا أن نتوقف لحظة في محطة مهمة لتقييم العام المنصرم ما له وما عليه، كيف يراه المسرحيون؟ كي نستقي منه ونتعلم ونواصل الطريق نحو محاولات وتجارب مسرحية جديدة، فبدون دراسة وتقييم ما مضى والوقوف على إيجابياته وسلبياته فلن نتقدم خطوة واحدة للأمام. معا نتعرف على رؤى فناني المسرح من مختلف الأجيال حول أحوال المسرح في 2018 ومظاهره.
يرى المخرج عصام السيد أن أهم ما يميز عام 2018 أن دورة المهرجان التجريبي الخامسة والعشرين كانت حدثا هاما وكانت دورة ناجحة وقوية وبها عروض جيدة جدا. كما يضع مسألة تجديد مسرح الريحاني وعرض الفنان أشرف عبد الباقي “جريما في المعادي” من العلامات المهمة لهذا العام وكذلك عودة نبيل الحلفاوي للمسرح القومي بعد 25 سنة.
ويقول عصام السيد إنه لم يكن مرضيا إغلاق عدة مسارح بسبب الحماية المدنية في وقت واحد وكأنهم اكتشفوا فجأة أنه يوجد ملاحظات.
أما عن تحقيق الإيرادات المرتفعة لبعض العروض فيرى أنه يمثل جزءا من مقاييس النجاح المسرحي لكنها ليست كل النجاح، فمن الممكن أن يكون هناك عرض ضعيف لكنه يحقق إيرادات عالية جدا يمكن أن تتحقق لأسباب أخرى ليس لها علاقة بالجودة الفنية، إنما الإيرادات يقاس بها في مسرح الدولة لأنه في فترة ما سابقة تحت دعوى أن مسرح الدولة يقدم خدمة ثقافية كانت العروض تقدم لكراسي خالية، فالمسرح بلا جمهور ليس مسرحا، والإيرادات هي مجرد مؤشر لنا لوجود متفرجين وأن المقاعد ليست خالية لكنها ليست دليل على الجودة الفنية.
ويؤكد أنه يوجد لدينا مؤلفون شباب مبدعون مثل عيسى جمال ومحمود جمال وغيرهما، كما يوجد مؤلفون كثيرون لم تقدم لهم نصوص، أي أنه لدينا غزارة وجودة في التأليف ولا توجد أزمة كما يدعي البعض، أما مسألة كثرة العروض التي تعتمد على الإعداد والارتجال فهي تعود إلى المخرج الذي لديه رؤية لموضوع معين فإذا لم يجد نصا متسقا مع أفكاره ويريد أن يعبر عن حالة حاضرة فيلجأ للإعداد.
ويتحدث المخرج عصام السيد عن الممثلين هذا العام موضحا أنه برز الكثير منهم كأساتذة في التمثيل منهم نبيل الحلفاوي ومحمود الجندي وعلاء قوقه، ومن الشباب ممثلي عرض الحادثة مصطفى منصور وياسمين سمير. ويضيف أنه لم يشاهد كل العروض التي قدمت هذا العام.

عام مظلم لا نحسد عليه
أما المخرج إميل شوقي فيرى أنه إذا انتقينا العروض المميزة في 2018 أو ذات القيمة بعيدا عن فكرة تحقيق الإيرادات العالية أو الجماهيرية العالية فهناك عرض مسافر ليل بالهناجر أما باقي العروض فهي تحصيل حاصل ولا يوجد شيء ذا قيمة في هذا العام. أضاف:المهرجان التجريبي له عذره لأنه لم يزل في بدايات استعادته بعد الكبوة السابقة. توجد عروض تم لها دعاية كبيرة وامتد عرضها سواء بالاتصالات أو عن طرق الوزيرة أو عن طريق العلاقات الشخصية، لكن بشكل عام هو موسم لا نحسد عليه ويعتبر مسرح الطفل هو المسرح النشط في 2018 حيث قدم المسرح القومي للطفل عدة عروض جيدة، ومن العروض المهمة أيضا عرض أليس في بلاد العجائب، عدا ذلك لا يوجد عروض جيدة. توجد مسارح مغلقة. مسرح الغد قدم عرض الساعة الأخيرة الذي أرى أنه من أقل عروض ناصر عبد المنعم لأنه قدم فيما سبق عروضا أفضل منه كثيرا، أما عرض الحادثة للمخرج الشاب عمرو حسان فكان عرضا جيدا بكل المقاييس الفنية والتجارية لكنه كان به تصرف كبير جدا في النص فلو كان لينين الرملي موجودا لم يكن ليسمح به، وهذه رؤية مخرج بعيدة عن رؤية لينين، أما عرض المخرج عصام السيد (اضحك لما تموت) بالمسرح القومي فهو سقطة المسرح القومي ولا أدري ماذا يحدث بالمسرح القومي فهو في كبوة كبيرة جدا عليه أن يفيق منها، ويوجد عرض لابأس به بالقومي هو عرض المعجنة أجاد فيه المخرج لكنه لا ينتمي للمسرح القومي فمكانه الأفضل هو الحديث أو الطليعة لأنه به قدر كبير من التجريب ويمس أخلاق المجتمع، أضاف: المخرج الذي لفت نظري هو محسن رزق الذي شاهدت له عرضي سنووايت وأليس في بلاد العجائب هذا العام، كنت قد شاهدت له عروضا من قبل في المسرح الكوميدي ولم يكن بهذا المستوى، ونعيمة عجمي تفوقت كعادتها كمصممة أزياء وكذلك حازم شبل كمصمم ديكور في عرضي أليس وحدث في بلاد السعادة، أما الممثلون فناصر شاهين هو مفاجأة 2018، أما علاء قوقة فاعتدنا عليه كممثل رائع ومخضرم، وفاطمة محمد على قدمتها في عرض العسل عسل بشكل أفضل وأروع مما قدمته هي في حدث في بلاد السعادة وكانت معي متنوعة ومطربة لايف بشكل رائع. أما عرض بلاد السعادة فلي انتقادات تجاهه فهو يدين الشعب المصري ويضع الحاكم في صورة ملائكية؟ تابع: كان العام 2018مظلما نتيجة إغلاق عدد من المسارح والتخوف أن يستمر الحال هكذا، فالمسرح بلا خطط وبلا ميزانيات وبدون إمكانيات تقنية، المسارح فقيرة تكنيكيا والدول الأخرى تقدمت عنا بمراحل كبيرة ولم يظهر لدينا كتاب مسرح حقيقيون، فأغلب الموجود مقتبس أو نصوص قديمة مثل لينين الرملي ونص بلاد السعادة كتبه وليد يوسف منذ ثلاثين عاما، ومسافر ليل منذ أكثر من خمسين عاما، اختفى الكاتب المصري ولا يوجد أعمال جديدة لمؤلفين مصريين، أما محمود جمال الذي يطلق عليه المؤلف الواعد فهو يكرر نفسه.أضاف: موضوع آخر انتشر وهو نقل العروض من المسرح الجامعي ومهرجان المعهد ومهرجان النقابة لينتجها مسرح الدولة مثل بلاد السعادة وعرض تامر كرم وعرض الحادثة الذي نقل من مهرجان النقابة فهذا يمثل (ضحك على الدقون ويبيعون لنا بضاعة مضروبة) فأين لجنة النصوص التي تختار النصوص التي يتم إنتاجها، أين المنتجون أو مديرو المسارح كيف لا يدركون أن هذه العروض قدمت ممن قبل ويتم إنتاجها ثانية من قبل مسارح الدولة.
وأخيرا أتمنى أن يكون 2019 بها خطط وسياسات للمسرح ولا بد من إقامة مؤتمر للمسرحيين.

سرقة فكرية واعتداء على التراث العالمي
وينظر المخرج والكاتب حسن سعد من خلال الإطار نفسه تجاه عام 2018 المسرحي قائلا:
كان عام 2018 مسرحيا عاما مظلما للغاية فمعظم العروض التي قدمت عروض ضعيفة جدا جدا، والأخطر ان الفكر لا يوجد وراء هذه الأعمال على الإطلاق وهي مجرد عروض نطلق عليها لقب مسرحية مجازا لأن المسرح فكر أولا ثم عرض، أي نقدم فكرا من خلال العرض وكل هذه العوامل لم تكن متوفرة رغم زخم العروض فهناك زخم على مستوى الإنتاج لكنها تخلو تماما من الفكر. هناك كارثة حقيقية مر بها المسرح في مصر وهي السرقة فهناك أكثر من عرض تعرضوا للسرقة من التراث العالمي ويتم هذا بكل جرأة وليس السارق مسؤول بمفرده ولكن الإدارة مسؤولة، أكثر من جهة مسؤولة، الفرقة التي وافقت على هذا العرض ثم لجان القراءة ثم المصنفات الفنية ثم الرقابة على المصنفات الفنية، لا أستطيع أن أكتب كلمة مؤلف على نص مسروق وبمنتهى التعدي على فكر الآخرين، ثم أين حماية المؤلف، فهذا وهم كل الهدف منه الحصول على رسوم لكن المصنفات لا تحمي المؤلف، هناك اعتداء شديد على التراث المسرحي العالمي وأمام مرأى ومسمع الجميع لكن لا أحد يتحرك، الأدهى من هذا كيف يصرف لهذا السارق أجر مؤلف وهو ليس سارق فقط لكنه يأخذ ما سرقه حرفيا بالنص ثم يأخذ من الأفلام بالصورة المرئية على الشاشة حرفيا ويمر هذا مرور الكرام وهذا ليس في عمل واحد أو اثنين ولكن في أكثر من عمل وهذه جريمة. فماذا يضيره أن يكتب إعداد أو تمصير أو أي مصطلح؟ فالتأليف شيء مختلف، لأن المؤلف يسكنه مفكر، أين اليوم المفكر الكاتب المسرحي؟

عودة القطاع الخاص
وتحدث المخرج ناصر عبد المنعم الذي بدأ بقوله: للأسف لم أتابع الموسم كاملا لكن أرى أمن أهم الأحداث في 2018 عودة القطاع الخاص، لأنني من جيل شاهد في الموسم الصيفي وحده قديما أكثر من عشرين مسرحية تابعة للقطاع الخاص وكل هذا اختفى، وأرى الآن ملامح لعودة فكرة القطاع الخاص فيوجد عرض جريما في المعادي لأشرف عبد الباقي وعرض لمحمد هنيدي بالإضافة لعرض محمد صبحي، وهذا في منتهى الأهمية على كل المستويات بغض عن النظر عن المستوى الذي تقدمه كل فرقة لكني أتحدث عن الحالة الإنتاجية نفسها وعن المسرحين الذين يجدون فرصا للعمل مثل الفنيين والتقنيين والعمال والفنانين، يوجد حالة زخم فني، 2018 إمكانية لبداية عودة القطاع الخاص، فالمدن الكبرى والعواصم الكبرى يعد القطاع الخاص فيها رافد مهم جدا بغض النظر عن المادة المقدمة فهذا في حد ذاته مكسب كبير، أما الأمور الفنية فتناقش فيما بعد لكن المهم عودته فلا يجوز أن تكون عاصمة بضخامة وكبر القاهرة لا يكون فيها مسرح خاص وهذا هو الجانب الإيجابي.
الملمح الثاني هذا العام هو مسرح الطفل الذي يقدم عدة عروض جيدة تستحق المشاهدة والإشادة.

المناطق المفتوحة
وكان للمخرج سعيد سليمان وجهة نظر خاصة عبر عنها قائلا:فى رأيى الشخصي أنه عام نسبى للغاية.. بمعنى أنه كان مزدهرا وناجحا ونشطا بالنسبة لبعض الجهات مثل مسرح الشباب بعروضه وورشه والهناجر بعروضه وقطاع الفنون الشعبية بنشاطاته المتنوعة والكثيرة ومهرجانات وعروض المعهد العالي للفنون المسرحية وأيضا مسرح السلام ونشاط المرحوم الفنان (أحمد السيد) بالمسرح الكوميدي.. وعلى الجانب الآخر هناك فئة يشكل لها ذلك العام عقبة بسبب غلق مسارحها مثل الطليعة والعرائس، كما أن مسرح الغد قدم عروضا جيدة قبل غلقه الأمر الذي لم يجعله يؤكد على استمرارية وتواصل تلك العروض.أأمل في 2019 كما يأمل الكثيرون مثلي ليس فقط فتح المسارح المغلقة ولكن فتح مسارح جديدة وبنى جديدة ومشاريع تعرض خارج الإطار الداخلي للمسرح، مثل الأماكن الأثرية أو المناطق المفتوحة أو البيوت والقصور المتنوعة وهذا بخلاف مسرح الشارع أو المتجول. وهذا يقودنا إلى إبداع أشكال مسرحية مبتكرة تتأقلم مع تلك المناطق، بمعنى أنه يتم من البداية خطة عمل للعروض بتلك المناطق وليس مجرد استضافة لأنه لا يوجد مكان!!.. وما زال في يقيني الشخصي أنه غائب منذ سنوات عدة (باستثناء بعض المجهود الشخصي) النظرة والبحث العلمي للمسرح وتقنياته، التدريب والمناهج والتيارات المتنوعة..أأمل في قلب المسرح رأسا على عقب بتجديد دماؤه وأدواته الإبداعية المبتكرة والعلمية، فالحالة الراهنة تحتاج لذلك.

تضييق رقابي
أما المخرج الشاب محمد جبر فتحدث قائلا:كان 2018 موسما عاديا لا يوجد فيه أي شيء مميز وليس سيئا، توجد محاولات جيدة وعروض جيدة لكن تظل المشكلات المسرحية كما هي بل وأسوأ عن ذي قبل، المهرجان القومي عرضت فيه عروض جيدة مثل دراما الشحاتين والبؤساء وأكثر من عرض للأسف الوقت لم يسعفني لمتابعة التجريبي. ما زالت توجد أزمة في الإنتاج فهو قليل للغاية، ولا توجد مسارح ودور عرض كافية للعروض، مما يصيبنا بالإحباط. بالإضافة إلى التضييق الرقابي على الفرق المستقلة وفرق الهواة بشكل مبالغ فيه، وفكرة التصاريح وفكرة الترخيص الرقابي انتهى أو لم ينتهِ وأن الجامعات تعرض فقط ليلة عرض واحدة في مهرجان الجامعة ويوجد التزام بميعاد محدد والرقابة تطلب النص قبلها بشهرين ويوجد تعطيل وأمام كم كبير من النصوص المقدمة من الفرق أصبح لا بد لها من الترقيب وهذا لم يكن موجودا من قبل وتزايدت المسألة وعدد الرقباء الذين يقرأون النصوص أقل من المسرحيات المقدمة كثيرا فأصبح الوقت يطول. أي أن المسألة أصبحت مرهقة، فعندما أقدم عملا أرهق من أجل إيجاد مسرح وأرهق من أجل ترقيب النص، أرهق أيضا كي آخذه من الرقابة في الوقت المطلوب قبل العرض، فكيف يصير كل هذا، يوجد أناس كثيرون يتنفسون المسرح طوال العام، لكن الملاحظ أن الناس أصبحت تكره الموضوع، فإذا لم تكن تعمل في قطاع خاص أو مسرح دولة أو جهة ما تواجه صعوبات كثيرة لإتمام العملية المسرحية وهذا أمر شبه مرهق، فالصعوبات تزيد عاما بعد عام والإجراءات أصبحت أصعب في مجتمع أصلا مفتوح، فتتعجب من حدوث هذا في حين أن أي شخص يمكن أن يصنع فيديو على الإنترنت يشاهده 2 مليون دون أن يطالب بالترقيب، في حين أن المسرحيات التي تعرض ليلة واحدة فقط أو ليلتين ويشاهدها ثلاثمائة متفرج فقط، تواجه بكل تلك المعوقات توجد حالة عدم عدالة. وكما قلت الموسم المسرحي عامة عادي وتظل مسارح الدولة كثير منها مغلق مثل العائم والطليعة وغيرهما فتظل الأزمة كلما فتح مسرح يغلق آخر فتستمر مسارح الدولة العاملة قليلة. لكن نتمنى أن يكون العام القادم أفضل بإذن الله.
وتحدث المخرج الشاب وليد طلعت بادئا حديثه عن مسرح الجامعات والمسرح المستقل حيث يرى أن المسرح في مرحلة منتعشة جدا بشكل عام في 2018 ولو استمر بهذا الشكل الإيجابي فإن 2019 ستكون أقوى وأهم. المسرح الجامعي أصبح به عروض تنافس مسرح الدولة في مهرجانات كبرى. القطاع الخاص أصيب بالعدوى هو الآخر وبدأ ينتج عروضا مسرحية محترمة. مسرح الطفل ارتقى لمستوى جاذب جدا للجمهور...الجامعة الأميركية أقامت مهرجانا مسرحيا مصغرا ومن المتوقع أن يتطور في 2019. أما بخصوص مسرح الدولة فالأستاذ إسماعيل مختار رئيس البيت الفني للمسرح يهتم جدا بأن يعطي فرصا حقيقية لشباب المخرجين وهذا له كل التقدير والاحترام. أما السلبيات فتكمن في قلة عدد المسارح المتاحة للعروض سواء التابعة لمسرح الدولة أو الخاص فنحن نحتاج وبشدة زيادة عدد المسارح المجهزة. وأرى أن زيادة عدد المهرجانات المسرحية المختلفة شيء إيجابي طالما أنه يتم بشكل احترافي. أضاف: أتمنى في 2019 زيادة عدد العروض وعدد القاعات المجهزة. وللأسف لم أشاهد عروضا كثيرة حيث شاهدت السيرة الهلامية وأعجبتني جدا وكذلك عرض الثامنة مساءا فهو عرض منضبط ومختلف، لكن من خلال المتابعة بشكل عام فإن 2018 كان فيها عروض كثيرة صنعت حراكا جماهيريا ونقديا محترما.
ومن وجهة نظر مختلفة نحو العام المسرحي الراحل تحدث المخرب الشاب إسلام سعيد قال: ما زالت هناك بعض التجارب الهامة. ولكن ما هو الهدف؟ تجارب هامة أم تغير عقول أجيال قادمة؟ لا يوجد رعاية ولا أي احترام لأهمية فنون الفضاءات المفتوحة وصناعه القلائل في الوطن العربي. أحب أن أوجه شكر خاص لمؤسسة مستقلة لا نستطيع إنكار المجهود الكبير التي تقوم به (الجيزويت) تلك المؤسسة العريقة التي استدعتني كمحاضر لفنون الشارع والفضاءات المفتوحة في أحد ورش العمل الطويلة التي تقوم بها مع بعض الشباب الصغار. فوجئت منذ أيام أن مؤسسة الجيزويت أرسلت هؤلاء الطلبة إلى منحة دراسية هامه في السويد. شكرًا للمؤسسات المستقلة. شكرًا درب 17 18 على انعدام البيروقراطية التي تدمر الأفكار والتي نريد أن نتعلم منها في بيتنا المسرحي. شكرًا مناضل عنتر على صبرك وإبداعك. شكر د.سامح مهران والمخرج الكبير ناصر عبد المنعم على إيمانكم بالشباب. شكرًا لكل من يعمل ويتعامل خارج الصندوق. أتمنى للجميع عام جديد قادم مليء بالنجاحات المختلفة والتجريب.

بقطاع الفنون الشعبية والاستعراضية
أما المخرج محمد دياب فيعبر عن رؤيته لعام 2018 قائلا: شهد العام الكثير من الأعمال المسرحية التي تستحق الإشادة والاحترام حيث تم تقديم الكثير من المخرجين الشبان الجدد سواء في هيئة المسرح أو المهرجانات المسرحية المختلفة ومنها مهرجان نقابة المهن التمثيلية الذي قدم الكثير من الوجوه المسرحية الجديدة والتي تستحق الاهتمام والرعاية. فقد شهدعام2018مسرحيات ناجحة كثيرة على مستوى التفاعل الجماهيري والإيرادات وكذلك من حيث الكتابات النقدية وآراء النقاد عن تلك العروض.
وفي نفس الوقت قدم عدد من المؤلفين الجدد الذين شهدت لهم أعمالهم المسرحية والنقاد بالتفوق فكان عاما ناجحا من حيث الكم والكيف. حيث قدمت الكثير من المسرحيات لمؤلفين من الرواد والشباب على السواء في مختلف الجهات المسرحية سواء مسرح الدولة أو الثقافة الجماهيرية ومسرح الجامعة أو مسرح الشباب والرياضة ومسرح الهواة. أضاف: غير أن الإشادة الحقيقية هذا العام تحسب لقطاع الفنون الشعبية والاستعراضية الذي يعود إلى الحياه بقوة على يد القائمين عليه وفنانيه. وكذلك فناني قطاع المسرح والقائمين علي والذي رغم قلة المسارح نتيجة الظروف الإدارية الصعبة، فإنه استطاع أن يصمد ويقدم عروضا مسرحية ناجحة كثيرة.
غير أن ما يؤخذ على الحركة المسرحية هذا العام هو عدم السعي لعمل المخرجين الرواد وتقديم عروض تستغل خبراتهم وتاريخهم غير قلة فيما ندر.
ويرى المخرج أحمد السيد جوانب كثيرة مضيئة للمسرح في 2018 فتحدث قائلا:يوجد في هذا العام جوانب إيجابية كثيرة، توجد طفرة في مسرح الجامعة وقدم هذا العام عروض كثيرة أفضل من الأعوام السابقة مثل عرض البؤساء وعرض مهرجان إبداع والعرض الذي قدم في المهرجان القومي، لكن على مستوى البيت الفني للمسرح فإن مكتسبات السنوات الماضية اختفت هذا العام، والبيت الفني ليس هو النشاط الوحيد للمسرح.
يوجد تقدم كبير على المستوى العام ومن ضمنه عودة القطاع الخاص، وأشرف عبد الباقي غير مساره من مسرح الاسكتشات إلى مسرح محترم وجميل يدعو الناس للنزول للمسرح في تجربة “جريما في المعادي” وهي تعتبر طفرة، بالإضافة إلى أنه أعاد دار عرض أخرى للحياة وهي مسرح الإبياري أو الريحاني حيث جدد المسرح وطوره ورممه وفتحه مرة أخرى. أما مسارح البيت الفني فقد أغلقت بسبب الدفاع المدني والمشكلات البيروقراطية وبالتالي أرى أن المسارح المدارة بواسطة موظفين كان 2018 بالنسبة لهم عاما كئيبا دون إنجازات تذكر، أما من يديرون المسارح بشكل فني فلديهم تطورات جيدة، مثل مشروع ورشة مسرح الشباب ابدأ حلمك ذات العمل المتميز جدا وقدمت مائة وجه جديد، وتوجد ورشة أخرى بالإسكندرية، وعرض بالإسكندرية أبو كبسولة استمر موسمين ولاقى إقبالا جيدا تحت قيادة سامح بسيوني. لكن من الأمور السيئة المركزية بالقاهرة والإسكندرية لنشاط المسرح، حتى الثقافة الجماهيرية التوزيع الثقافي غير عادل.اضاف: ومن الأمور الإيجابية أيضا عودة القطاع الخاص مثل محمد هنيدي وكايرو شو وأشرف عبد الباقي كمؤشر جيد لعودة القطاع الخاص.
كما تغيرت النظرة لمسرح الطفل وتم إسناد الأعمال لمخرجين متميزين، كما فاز عرض للطفل بجائزة المهرجان القومي وهذا إضافة مع العروض المتميزة التي عرضت.وتابع: المسرح المستقل قدم عروضا كثيرة في مسرح الهوسابير ومسرح النهار ومسرح روابط، فالعام بشكل عام بالنسبة للمسرح عموما بعيدا عن عروض الهيئات الرسمية كان به إضافة، وهذا العام مسرح البالون لأول مرة يقدم عدة عروض في كل المحافظات بعد أن كان ميتا منذ سنوات، ويوجد عروض مثلت مصر بمهرجانات بالخارج، والشهر القادم المهرجان العربي، كما تميزت دورة المهرجان التجريبي هذا العام بعروض متميزة، ومهرجان مسرح بلا إنتاج ومهرجان أحمد بهاء الدين المسرحي بأسيوط، ومهرجان أسوان.. كما وجدت عروض خارج الصندوق مثل عروض مسرح الشارع لإسلام سعيد وتجربة مسافر ليل بالهناجر.لذا كان عاما جيدا أرى أنه يمكن أن يحتوي على بذور جيدة صالحة للتطور لعام 2019.

المسرح الجماهيري
وقول المخرج حسام الدين صلاح أنه في 2018 وجدت حركة شبابية مسرحية ومسرحيات بالغرف والقاعات كان لها تأثير في الوسط المسرحي لدرجة أن بعض المسارح الكبيرة عملت كأنها قاعات، فكان هناك نجاحات في الطليعة والشباب، عروض كثيرة بإقبال متوسط مع وجود رد الفعل وهذا جزء من المطلوب للمسرح المصري، فقد افتقدنا المسرح الجماهيري الذي يؤثر في الشارع وله مخرجيه الذين لهم تجارب مسرحية سابقة ومؤثرة في الشارع وحققوا إيرادات عالية جدا، هذا مع بعض الأسئلة حول عرض هولاكو لجلال الشرقاوي وفاروق جويدة الذي من المفترض أن يقدم بالمسرح القومي ولم يخرج للنور حتى الآن.
أضاف: لا يوجد نجاحات في الإيرادات في غير مسرحية الأطفال أليس في بلاد العجائب، التي حققت إقبالا حقيقيا ولها مردود في هذا النوع من المسرح في الشارع، كما توجد بعض المحاولات الجيدة مثل (أبو كبسولة) وتجربة أبو سريع كنجم كوميدي له جماهيرية تجربة جريئة وجيدة، لكننا لم نر عرضا يثير الجدل وافتقدنا هذا النوع من المسرح كما ابتعد عنه النقد فكان يبلغنا أخباره فقط. كما أن الدعاية اختفت تماما من الشارع والبانرات الموجودة في الشوارع رغم أن هذا كان موجودا في السابق لكن فجأة تخلى عنه المسرح كما أنه لا يعرض أي دعاية بالقنوات التلفزيونية رغم أن الدعاية أصبحت رخيصة بالقنوات، كما وجدت بعض المهرجانات الشبابية في 2018 كمؤشر إيجابي وجيد.
وأضاف: لا يوجد أي تأثير لمسرح الثقافة الجماهيرية عدا محافظة أو اثنين مثل الإسكندرية وبورسعيد حيث لا أرى أي أخبار عن أي نشاط للمحافظات، رغم أن بورسعيد لاتكل ولا تمل من العمل حيث تقام بها مهرجانات ومسرحيات وعروض موسيقية وغيرها. ويبدو أن الوزيرة ليس لها علاقة بالثقافة الجماهيرية إلا فيما ندر ولا يوجد دعم بالأقاليم. بعض الجامعات قدمت بعض النشاط في المحافظات مثل جامعة الزقازيق وجامعة المنوفية.
ومن الجدير بالذكر أنني شاهدت مهرجان غرفة دولي بالمنوفية أقامه شاب اسمه محمود ناشي خريج كلية الحقوق وحضره فريق من تونس وقد أجر القاعة من الشباب والرياضة وأنفق الكثير من ماله الخاص لإقامة الضيوف ولجان التحكيم وشاهدت به عروضا رائعة وفنانين مبدعين وموهوبين دون أي تعاون أو دعم من المحافظة أو غيرها. تابع: أما البيوت الفنية (الدراما والفنون الشعبية) فاستسهلت وابتعدت عن العروض الجماهيرية الكبيرة والنجوم فأين يحيى الفخراني وصلاح السعدني وأين النجوم الحقيقيين، فتلك التجارب ذبلت وكان آخرها التجربة السيئة لأحمد بدير ومحمد جمعة، ومثلا عرض حدث في بلاد السعادة عرض جيد لكنه لا يجد جمهورا فالتكلفة عالية لكن المردود يوازي مردود القاعة.
تابع: أين سمير العصفوري وجلال الشرقاوي وفهمي الخولي وعبد الغني زكي ومراد منير والأساتذة الكبار الذين لهم إنجازات وتاريخ كبير ويمكن أن يقدموا شيئا عظيما، فكل الأساتذة الذين حققوا جماهيرية وإيرادات عالية ومتعة فنية غير موجودين على الساحة، فهل هذا موقف ضد هذا الجيل؟ يجب أن يكون هناك ثراء للمسرح المصري من جميع الأجيال. هذا التجاهل آلمني جدا رغم أنه لم يصبني لكن يزعجني أن يتم تجاهل أساتذتي الذين قدموا الكثير للمسرح وخصوصا أننا نتحدث عن أفراد لا يزيدون عن خمسة مخرجين وهذا لا يصح من المسرحيين أو الوزير أو أي مسئول.
وعن المسرح في القطاع الخاص قال أنه ما زال يحاول استعادة نفسه لكن تجربة محمد رمضان فشلها لا يعود لمحمد رمضان لأنه ممثل مسرحي كبير، وكان الأمل في هذه التجربة، لكن نأمل أن يحدث هذا في العام القادم.
وناشد صلاح وزير المالية إلغاء ضريبة القيمة المضافة على المسرحيين لأن المسرح مختلف عن السينما وغيرها، وطالب الدولة أن ترعى المسرح وتبني مزيدا من المسارح المغلقة وتعيد إصلاح دور العرض المغلقة لأن المصريين يحبون المسرح. والاهتمام بالمسرح وعلى الأخص بالمحافظات هو الذي سيمر بنا من الكبوة الفكرية ونرجو أن يعود المسرح للتأثير في الشارع ويحقق رسالته الثقافية والفنية.

 

 


أحمد محمد الشريف

ahmadalsharif40@gmail.com‏