«توفيق الحكيم بين الفكر والسياسة» بدار الكتب والوثائق

«توفيق الحكيم بين الفكر والسياسة»  بدار الكتب والوثائق

العدد 585 صدر بتاريخ 12نوفمبر2018

كشف مثقفون ومسرحيون ومفكرون عددا من الجوانب الجديدة فى حياة الكاتب الكبير توفيق الحكيم خاصة فيما يتعلق بكتاباته المسرحية التى تركت بصمات خالدة فى تاريخ الكتابة والمسرح المصرى والعربي وبنشاطه السياسى الذى بدأ بمشاركته فى ثورة 1919، ضد الاحتلال الإنجليزى، واستمر بعد ذلك لسنوات، وأكدوا على دور الحكيم الكبير فى الحركة المسرحية ،وما قدمه فى هذا المجال من تطورات كبيرة فى الحركة المسرحية المصرية والعربية ،وذلك خلال الندوة التى أقامتها دار الكتب والوثائق القومية، تحت عنوان “توفيق الحكيم بين الفكر والسياسة”، وذلك بقاعة الندوات بمقر دار الكتب والوثائق بكورنيش النيل ،ضمن ندوات الموسم الثقافي لمركز تحقيق التراث بدار الكتب تحت عنوان “أدباء عملوا فى دار الكتب المصرية”.
فى البداية تحدث الدكتور عبد الحميد مدكور، الأمين العام لمجمع اللغة العربية، وقدم عرضًا وتحليلًا لفكر توفيق الحكيم بين تأثيرات الشرق والغرب ،قائلا إن الأديب توفيق الحكيم ترك لنا تراثا أدبيا وفنيا عظيما أثرى الحياة الثقافية والمسرحية المصرية، مضيفا: أن بدايات توفيق ظهرت في عام 1933 حين قدم مسرحية “أهل الكهف” والتي عانى فيها الحكيم كثيرا لإخراجها  بهذا الشكل، ثم مسرحية “عودة الروح” والتي يقصد بها طلوع الروح والتي تحدث فيها عن مصر بشكل مبهر.
كما وجه الدكتور مشكور ،الشكر إلى دار الكتب التي فكرت في اقامة ندوة عن الكاتب توفيق الحكيم، موضحا أنه كان مهتما بالتعبير عن المشكلات التي يعاني منها الريف في مصر والمأساة التي يعيشونها فكتب يوميات نائب في الأرياف ،والعديد من الكتابات التى تحولت إلى نصوص مسرحية خالدة إلى الآن.
كما تحدث فى الندوة الكاتب الصحفى محمد أحمد بهجت، مدير تحرير جريدة الأهرام ورئيس قسم المسرح بالجريدة، عن الدراما والمسرح فى أدب توفيق الحكيم ،مشيرا إلى أن مسرحية “اهل الكهف” تعتبر عملًا جريئًا وجديدًا ،فالمرحوم شوقي نفسه لم يكن يطبع وينشر مسرحياته الشعرية إلا بعد عرضها على الجمهور ممثلة فوق خشبة المسرح ،فكان التمثيل هو الأصل عنده، والكتاب هو التابع، فهو على الرغم من القيمة الشعرية العالمية لمسرحياته لم يقدمها إلى الناس منفصلة عن التمثيل في أول أمرها ،ولكن توفيق الحكيم قدمها بشكل مبسط واستطاع أن يصل بها إلى الجمهور .
وقال بهجت، ان الحكيم رأى من خلال كتاباته ان هناك خطورة نحو نمو المسرحية في بلد لم يستقر فيه التمثيل، فهي تظهر وتختفي، وترتفع وتهبط تبعًا لوجود المسرح أو اختفائه وارتفاعه وانحطاطه، لذلك كان هم توفيق الحكيم أن يفصلها عن المسرح وألحقها بالأدب، لأن الأدب في بلادنا أكثر استقرارًا وارتفاعًا، فدفع بأهل الكهف إلى المطبعة متجاهلًا المسرح – الذي كان وقتئذ في حالة احتضار حقيقي – وكان له ما أرد من إيجاد جمهور للمسرحية المطبوعة يطالعها في كتاب، باعتبارها فنًا مستقلًا ،وحققت انتشارا فنيا على كافة الأنحاء ،
كما تناول الدكتور عبد الرحيم الكردى، عميد كلية الآداب بجامعة قناة السويس سابقا، الرواية فى أدب توفيق الحكيم ،قائلا :” ان توفيق الحكيم من الأسماء البارزة في تاريخ الأدب العربي الحديث ،وكان يلقب برائد المسرح الذهني،  سمِّيت طريقته في كتابة المسرحيات بالمسرح الذهني لصعوبة تجسيدها في عمل مسرحي، وكان توفيق الحكيم يدرك ذلك جيدا حيث قال في إحدى اللقاءات الصحفية : “إني اليوم أقيم مسرحي داخل الذهن وأجعل الممثلين أفكارا تتحرك في المطلق من المعاني مرتدية أثواب الرموز لهذا اتسعت الهوة بيني وبين خشبة المسرح ولم أجد قنطرة تنقل مثل هذه الأعمال إلى الناس غير المطبعة” ،مشيرا إلى أن الحكيم عندما يتكلم في كتابه “أدب الحياة” عن ضعف المسرحية العربية وأسبابها فإنه يجسد الواقع الذى يدور فى المجتمع ويطرح له حلول كثيرة قابلة للتقويم.
 وكشف الدكتور راضى جودة، الباحث بوحدة البحوث الوثائقية بدار الوثائق القومية، عن السياسة فى حياة توفيق الحكيم، ثائرًا فى ثورة 1919 ومنظرًا فيما تلاها من عقود ،قائلا ان كتابات توفيق الحكيم كانت مزيج بين الفن والثقافة واستطاع ان يكشف فيها توفيق الحكيم عن جانب آخر من شخصية المثقف الذى ينظر الناس إلى شيبته ووقاره وعصاه التى يتعكز عليها على أنها صورة كاملة للكلاسيكية والأفكار المعلبة، هذا الجانب من السخرية الكوميدية والبساطة فى الأسلوب وعبقرية الفكرة المختلفة انكشف فى احد مسرحياته التى حاول توفيق الحكيم أن يرسم بها صورة جديدة للمرأة ومكانتها فى قلبه، وحاول أن يعيد للشعر ريادته فى تكوين الأفكار وتداولها وصور فيها صورة أخرى للديمقراطية المنتظرة وسحرها.
واشار الدكتور جودة إلى ان المسرحية قد تراها وأنت تقرأها وكأنها شىء مسلٍ فى رحلة سفر تقول كل هذا وأكثر تتحدث عن الوحدة العربية وسبل تحقيقها وعن دور الأدب والثقافة فى تكوينها، تتحدث عن الديمقراطية وكيفية استخدامها، تكفر بالسياسيين العرب وتلعن اليوم الذى ظهرت فيه تلك الفئة التى تحكم بالعصا وماء النار ،وكذلك نرى ان المسرحية بسيطة فى كلامها ليست كذلك أبدا فى أفكارها فهى دعوة صريحة لشعوب المنطقة أن يحرروا أفكارهم مرة أخرى ويطلقوا أحلام الحرية من أقفاصها، دعوة صريحة للشعوب العربية تطالبهم بالكفر بالسياسيين العرب وكروشهم التى امتلأت فوق عروشهم، دعوة تقول إن الشعوب لا الحكام هم طريق تلك الأمة نحو حضارة محترمة ووحدة ثقافية وفكرية تدوم للأبد.


محمد خضير