علاء الكاشف: رحلة متميزة من المسرح الجامعي إلى الثقافة الجماهيرية

علاء الكاشف: رحلة متميزة من المسرح الجامعي إلى الثقافة الجماهيرية

العدد 564 صدر بتاريخ 18يونيو2018

الممثل والمؤلف شعرا ونصوصا مسرحية، علاء الكاشف الذي اعتاد على أن ينتقي الكتاب صديقه الأول وما زال يبحر ويجوب بقرءاته سطور هؤلاء الكتاب الكبار المسرحيين الذين أثروا الحياة الفنية والثقافية في العالم بكلماتهم ونصوصهم وما قدموه هم من آيديولوجياتهم وفلسفتهم الخاصة عبر مؤلفاتهم هذي التي تزداد اهتماما وتقديرا كلما مرت على هذه المؤلفات والسنون.. وبحثه الدائم في حقائب الدنيا لكنه يخوض تجربته في الإبداع كشجرة تطرح مختلف وأشهى الثمار مؤلفا وممثلا ومخرجا ليقدمها لجمهوره الذي يعشقه هدية العاشق لمحبوبته.
في طريقك الأدبي والمسرحي محطات كثيرة في الكتابة والتمثيل والإخراج حدثنا عن محطة البداية في هذا الطريق.
البداية دائما تكون من المسرح الجامعي.. نقطة الانطلاق الأولى لأغلب المسرحيين. تلك البيئة الخصبة وحقل التجارب الذي يسمح لكل منا أن يتكشف طريقه. البداية في عام 2005، كنت قد خرجت للتو من تجربة مثيرة للغاية ستغير طريقة تفكيري وتؤثر علي ردحا من الزمن، عن تجربتي مع المخرج الفنان الأستاذ شريف صبحي أتحدث، حيث أخرج لنا وقتها في جامعة المنوفية عرضا رائعا لمجموعة من أعمال شكسبير معدة في عمل واحد، فكأنها كانت وجبة مضاعفة الدسم، لأن أكمل الطريق في المسرح كاتبا وممثلا ومخرجا أوقاتا أخرى.
للتجارب الإبداعية المتعددة التي قدمتها أصبح هدفك أن تصل رسالتك للمستقبِل (الجمهور).. حدثنا عن هذا السبب والدافع الذي جعلك تستمر وتقدم تجاربك في الإخراج..
بعد أن فتحت عيني على هذا العالم الشكسبيري الواسع لأنهمُ منه قارئا ومعجبا، وأنا أنهي نص (العاصفة) فكرت في الآتي: شكسبير كان فنانا يقتات من عمله يكتب لمسرح تجاري بمقاييس عصره، إذا حتى شخص بقامة شكسبير الأدبية كان يبحث عما يلائم جمهوره، ونظرت لمسارحنا فرأيت وقتها مسرحية (هاملت) تغلق أبوابها بعد مرور أقل من شهر من عرضها على خشبة المسرح القوميّ، وكان يقوم بدور البطولة وقتها الفنان فتحي عبد الوهاب، فحاولت أن أحلل هذا الأمر من المسئول عن هذه المهزلة وكيف لعمل بضخامة هاملت ألا يقوى على الاستمرار لأكثر من شهر، هل نلوم ذلك الجمهور الذي انحدر ذوقه كما يحلو لنا أن نتمطع بهذه الكلمات، أم نلوم أنفسنا لأننا عجزنا عن فعل ما كان يفعله شكسبير في وقته، كان يبحث عما يلائم ذائقة جمهوره ويغذيها بكل طاقته.. ولذا لا يمكن أن نلوم جمهورنا على انصرافه عن بعض الأعمال وإن علت قيمتها، فهم يشعرون أننا لا نخاطبهم بل نخاطب جمهورا من زمن آخر. وقررت من يومها أن أطرق كل باب يمكن أن يجعلني أتواصل مع جمهورنا فاهتممت بالكتاب العرب وعلى رأسهم محمود دياب وأخرجت أعمالا حققت تلك المعادلة الصعبة من المتعة والقيمة الفنية والتواصل مع الجمهور. ثم شعرت أن هذه النصوص رغم عظمتها فإنها تمثل صدى لصوتي الأدبي والفني ولا تعبر عن كل ما يعتمل بداخلي، فقررت أن أرمي بثقلي في تجارب ذاتية أخوضها مؤلفا ومخرجا، مستكملا النص من خلال التجربة الحية ورد فعل الجمهور على ليالي العرض. وها أنذا أخوض تجربة جديدة في المهرجان الأحب لقلبي (نوادي المسرح).
ماذا عن تجربة ومسرحية استوديو التي ستقدمها لجمهور النوادي الليلة؟
نص (ستوديو) من تأليفي وإخراجي يشارك فيه كوكبة مميزة من فناني الأقاليم، كل منهم له مذاق خاص، وأداء مختلف يعزفون جميعا سيمفونية لأداء يتميز بالصدق الشديد، كما يشهد العرض عودة عملاق المسرح (سماسم جامع) بعد غياب عن خشبة المسرح لمدة تزيد على اثني عشر عاما. النص يتحدث عن علاقتنا بالزمن، وعن اختياراتنا، ويعيد صياغة الحكاية بأسلوب يعتمد على التواصل المباشر مع الجمهور. العرض من بطولة سماسم جامع، عز عاطف، أسامة المشد، نورهان سعيد، آية سامي، محمود رشاد، نهلة لاشين، ديكور ريهام الكاشف، وإضاءة أسماء سمير، وكيروجراف عمرو صيام، وإعداد موسيقي لعمر نبيل، مكياج نورهان سعيد، وملابس وإكسسوار عز عاطف.
ما رأيك في تجربة نوادي المسرح؟ وما الذي تمثله لك تجربتك استوديو؟
هي التجربة الأهم في المسرح المصري، هي رافد النيل الذي يفيض كل عام على المسرح المصري فيجدد ما يعتري أرضه من جدب، هي حلقة الوصل بين الأجيال الثلاثة، الرواد والقامات والشباب. وإنني أستكمل نصوصي الأدبية من خلال التجربة الحية كما كان يفعل تشيكوف مع ستانسلافسكي، فكان تشيكوف يكتب للمسرح لا للورق، وأذكر أنني قرأت ذات مرة أن ممثلة طلبت من تشيكوف أن يختصر أحد مونولوجاتها لأنها تراه طويلا دون داع ويضر بإيقاع العرض، وضايق هذا الأمر تشيكوف كثيرا، وانصرف من المسرح منزعجا، لكنه في اليوم التالي أعطى الممثلة ورقة صغيرة مكتوب بها سطر واحد فحسب، وقال لها «استبدلي هذا بذاك، لقد كنتِ على حق». إذن، فأكمل التجارب هي التي تُكْتَبُ في حضور ومباركة المؤلف، لأنه تصدر أنينا حيا وإيقاعا صادقا، وخصوصية نوادي المسرح قامت على أكتاف هذه التجارب.
هل ترى أن اعتماد المخرجين عن طريق الورش والندوات والورش أسلوب مناسب وأفضل ولماذا؟
كل ذي عين يستطيع أن يرى الفارق الآن. في عام 2002 كنت أشارك في الدورة الثالثة عشرة ممثلا، وشاهدت بعيني معركة ضارية بالأسلحة بين فرقتين مسرحيتين، لأن أحد أفراد عرض انتقد عرضا للفريق الآخر أثناء الندوة. وكان الجميع يتصارع على الفتات. الهدف ليس الفن بل الهدف هو الاعتماد. انقطعت بعدها عن تجارب نوادي المسرح، وقلت لا أرغب أن أكون في هذا المناخ السيء. لكن عندما علمت ببدء العمل بنظام الورش، سارعت بتقديم إحدى تجاربي. ويكفي أن أقول لك إنني كنت مشاركا في ختامي العام السابق، وكان زملائي المخرجون هم من يقفون بجواري على خشبة المسرح لنصب ديكور عرضي. هذا الفارق في الإنسانية في التعامل هو ما أحدثته الورش. فهي سمحت لنا أن نرى بعضنا كأصدقاء لا كأعداء، وفي الوقت ذاته فهي تقدم آلية صحية لتعليم وتقييم المشاركين من خلال الورش والتقييم المستمر في أكثر من مرحلة.
كيف ترى إلغاء الندوات التطبيقية المصاحبة لعروض المهرجان هذا العام؟
أرى أنه خسارة كبيرة ستمنع المشاركين من الوقوف على مناطق ضعفهم وقوتهم، لكن دائما ألتمس العذر لمن هم في موقع اتخاذ القرار، فقطعا هناك ما حال دون تطبيقها نظرا لإقامة المهرجان في هذا التوقيت الضيق من العام.


همت مصطفى