مناقشة «ماهية الإبداع النسوي» وتكريم صليحة بالأعلى للثقافة في يوم المرأة

مناقشة «ماهية الإبداع النسوي» وتكريم صليحة بالأعلى للثقافة في يوم المرأة

العدد 556 صدر بتاريخ 23أبريل2018

أقام المجلس الأعلى للثقافة تحت رعاية الدكتورة إيناس عبد الدايم، وزير الثقافة،، والدكتور حاتم ربيع الأمين العام للمجلس، احتفالية بمناسبة «يوم المرأة»، نظمتها لجنة المسرح بالمجلس ومقررتها د. هدى وصفي، الأسبوع الماضي، بقاعة الفنون وقاعة المؤتمرات بمقر المجلس في ساحة دار الأوبرا المصرية.
«ماهية الإبداع النسوي.. جدل وحراك مستمر - تجوال في التاريخ» كان عنوان المائدة المستديرة التي شهدتها الجلسة الأولى، وأدارها د. محمود نسيم الذي أوضح أن اللجنة تحتفل بالمرأة من خلال وجودها الفعال وإبداعها، مضيفا أن هذه المائدة المستديرة، سوف تثير مجموعة من الأسئلة والإشكاليات المهمة. وأشار د. محمود نسيم إلى أن “الخطاب النسوي” ارتبط بما يسمى بما بعد الحداثة، قائم على تفكيك المركزيات والمرجعيات المرتبطة بالغرب, عبر خطاب علمي وليس خطابا إنشائيا، مؤكدا على مقولة إنه إذا كانت الماركسية هي التصور «الرديكالي للحداثة»، فإن النسوية هي التصور الرديكالي لما بعد الحداثة، مضيفا القضايا والإشكاليات التي يثيرها هذا الخطاب لا تمس وجود المرأة فحسب وإنما تمس صميم الوجود البشري.
أشار د. محمود نسيم إلى أن المائدة تضم مجموعة من الآراء، التي من شأنها أن تشكل نوعا من الثراء المعرفي والمنهجي، في موضوع الإبداع النسوي.
د. منى أبو سنة أشارت إلى أنها لن تتحدث عن المسرح، رغم أنه تخصصها، مؤكدة على أنها ستركز على جزئية في “الحركة النسوية” قلما يعطيها أحد الاهتمام، وهي تفكير المرأة، وهو جانب فلسفي في دراسة «الإبستمولوجيا» ومن خلاله تطرح عدة أسئلة، منها: هل عقل الرجل يختلف عن عقل المرأة؟ مشيرة إلى أن عقل الرجل تم تشويهه بفضل المجتمع الذكوري.
وتابعت: إن المرأة لها عقل يختلف عن عقل الرجل، ولا بد من توعيتها بالأوهام التي بثها المجتمع الذكوري مثل أن حريتها ترتبط بحرية الرجل، وهو ما يدفعها إلى أن تسعى للزواج، وأن الأمان في يد الرجل، بالتالي عليها أن تعيد بث ذلك في الأجيال المتلاحقة، مؤكدة أن عقل المرأة تشكل على هذه الأوهام فحدث له تشوه في الإدراك، وأضافت أبو سنة: لقد انخرطت في الحركة النسوية دوليا ومحليا ولاحظت أن الحركة تمجد المرأة تمجيدا مطلقا وتمجد حتى قهرها، فتركز على أنها مقهورة، وأن كل القوى المحيطة تقهرها، والقهر يلزمه طرفان: قاهر ومقهور، فأين مسئولية المرأة عن الوعي بقهرها. تابعت: حين نادى الرئيس عبد الفتاح السيسي بتمكين المرأة، انعكس ذلك على المجتمع في مجالات معينة مثل المجال السياسي والمجال الاقتصادي، ولم ينعكس على المجال الفني، على الرغم من أن الفنون لها دور كبير في تحرير عقل المرأة. وأوصت بتمكين عقل المرأة في ختام كلمتها.
وتحدثت د. هدى بدران في كلمتها عن ثلاث محطات في المسيرة النسوية العالمية والمصرية، من حيث الحراك والإبداع، موضحة: ليس الإبداع بالشكل الضيق من خلال الفن، فالإبداع يمكن أن يكون في إخراج حدث معين، قد يكون في العملية التنظيمية لفكرة معينة أو في اختيار أو الاتفاق على أهداف معينة، وهو الإبداع بمعناه الواسع.
وضربت مثالا على ذلك باحتجاج النساء في مصانع النسيج بنيويورك عام 1908 إثر إساءة المعاملة لها، حيث خرجت النساء بالآلاف في شكل إبداعي، وهن يحملن أجزاء من الخبز اليابس في يد واليد الأخرى تحمل الورود، وهو ما اعتبرته نوعا من الإبداع. أضافت: وانعكس ذلك في أوائل فترة عام 1919 في مصر حيث خرجت مظاهرات المرأة، ومنها تأسس أول تنظيم للمرأة. أشارت أيضا إلى طرح قضية المرأة في مؤتمر «مكسيكو» على هامش عملية السلام، وقد كانت السيدة جيهان السادات تترأس الوفد المصري، وكانت مصر في موقع الاحترام، وعندما قام مندوب إسرائيل بإلقاء كلمته على المنصة انصرف الحاضرون نتيجة اعتراض المصريات، ونتيجة لذلك تم كتابة أول تقرير عن الصهيونية والعنصرية. أشارت أيضا إلى أنه نظمت أول “كوتة” عام 1975 في البرلمان للمرأة، وتم عمل تعديلات في قانون الأحوال الشخصية. تابعت: وفي عام 1995 لم تكن مصر في موقف متقدم بالنسبة لبقية الدول وكنا متقهقرين، وتحول هذا الشعور إلى قوة، فبدأ العمل عام 2000 على إنشاء المجلس القومي للمرأة الذي استطاع أن يغير من القوانين، وتم إصدار قوانين جديدة منها الخلع، بالإضافة إلى وصول أول امرأة إلى كرسي القضاء وهي تهاني الجبالي.
فيما أشارت د. شيرين أبو النجا في كلمتها إلى مجموعة من الإشكاليات التي تحيط بمصطلح “الإبداع النسوي” الذي لم يتم توثيقه منذ بدايات القرن العشرين، وذكرت أبو النجا أن الإبدع النسوي ليس بالمنتج الذي ظهر فجأة في بدايات القرن العشرين، وقد توافر كم كبير وضخم من المجلات الثقافية التي أصبحت في الفترة الحالية موضوعا للبحث الأكاديمي. تابعت: في بداية القرن الحادي والعشرين كان هناك الكثير من الباحثات والمؤسسات البحثية التي طبعت الكثير من هذه المجلات في شكل مجلدت كاملة، وكانت هناك أيضا إشكالية أخرى وهي ظهور أول رواية عربية للكاتبة زينب فواز وهي رواية “حسن العواقب” عام 1899، وظلت هذه الإشكالية غير محلولة لأنه لم يتم ترسيخ فكرة أن زينب فواز هي أول روائية عربية. وأشارت أبو النجا أيضا إلى أن محاولة البحث في تحديد نقطة بداية «للإبداع النسوي»، يعد من الخطأ، وأنه من الأفضل البحث في مردود أفعال هذا الإبداع، وقد تفجر الأمر في التسعينات، هذه الفترة الخصبة، حيث عقد في عام 1995 مؤتمر السكان في مصر ثم مؤتمر بكين العالمي للمرأة، وكانت تترأس وفد المنظمات غير الحكومية د. هدى وصفي، ومن خلال هذا المؤتمر تم نشر خطاب في الساحة المصرية، بالإضافة إلى تعريب الخطاب الحقوقي للمرأة وكانت هي المرة الأولى التي يستخدم فيها كلمة «الجيندر» عام 1995، كما تم تنظيم معرض الكتاب الأول ومؤتمر «المرأة العربية في مواجهة العصر»، وكان ذلك بالتنسيق مع دار نور للنشر، ويعد هذا المعرض هو الأول والأخير، وكان يضم عددا كبيرا من الكاتبات العربيات وحققت في ذلك الوقت رواية “ذاكرة الجسد” لأحلام مستغانمي شعبية كبيرة, وضم المؤتمر أبحاثا عملية ومنهجية كثيرة من مصر والعالم العربي، كما بدأ خلال هذا المؤتمر التأسيس لفكرة «الكتابة النسوية». استدركت: ولكن هذا لا يعني أن السجال توقف في الساحة الثقافية، في ما يتعلق بمصطلح «الكتابة النسوية» حيث ظهر في النصف الثاني من فترة التسعينات مجموعة من الكاتبات المتميزات أمثال نورا أمين وروايتها «قميص وردي فارغ»، «والخباء» لميرال الطحاوي, و”أوراق النرجس” لسمية رمضان، وعدد كبير من الكاتبات اللواتي قدمن أعمالا متميزة، وكان للنقاد رد فعل كبير فقام الناقد الكبير إدوارد الخراط بعمل ندوة كبيرة في مكتبة القاهرة تحمل اسم «كتابة البنات».
أشارت أبو النجا إلى أنه يتم التعامل مع الإبداع النسوي بوصفه تأثرا بالغرب، وأكدت أن الإبداع النسوي ليس في أزمة إنما كتب في وقت أزمة، وهناك كم كبير من الإبداع النسوي، لكن إلى أي مدى هو نسوي؟ أضافت: في رأيي أن الإبداع النسوي هو كل ما له علاقة بالفكر والرؤية النسائية.
وقال د. علاء عبد العزيز: لفت انتباهي الرحلة التي مر بها الغرب في سبعينات القرن الماضي، وهو ما جعلنا مضطرين إلى استخدام هذا المصطلح “المسرح النسوي”، ومع وجود هذا الأرشيف وحركات تحرير المرأة تكشف لنا أن المرأة كاتبة مسرحية، وأن هناك الكثير من الكتاب المهمين الذين ناقشوا قضايا المرأة ومنهم إبسن الذي ضرب لنا مثلا بقضايا المرأة النرويجية والمسرح النسوي، وهو ما يقر بوجود قضايا تتعلق بتهميش المرأة سياسيا واقتصاديا، أضاف: دائما ما تحاسب الروائيات على أفكارهن، وأنهن يكتبن عن أنفسهم حتى إذا ما مرت البطلة بتجربة في الرواية، تتهم الروائية أو المخرجة بأنها هذه الشخصية، ومن هنا يتم التعامل مع المخرجات من منطلق الفكر الذكوري والهيمنة الذكورية، تساءل علاء عبد العزيز: هل يوجد مسرح نسوي؟ وأجاب بأن الإبداع النسائي موجود، وهناك بالفعل المسرح النسوي حتى لو كان من تأليف أو إخراج رجل، مثل مسرحية «أحوال شخصية» التي تحكي مشكلات أربع من النساء، فالمسرح النسوي هو كل ما يرصد القضايا التي تعاني منها المرأة ويعبر عنها، مشيرا إلى أن هناك شكلا في المسرح يسود في الغرب وهو مسرح الشهادات الحية، وهو شكل صالح جدا لتقديم قضايا المرأة ولا يحتاج إلى إنتاج ضخم.
وتناولت د. هالة كمال الأصوات النسائية في مجال النقد في مصر، مشيرة إلى أن الكاتبة “مي زيادة” صوت نسائي نقدي، فهي ناقدة وباحثة ومفكرة ومحاضرة، كتب الكثير عن تجاربها ولها دراسات نقدية كثيرة، وكذلك «لطيفة الزيات» التي تابعت كتابات الرجال وتصويرهم للنساء، وأيضا “سهير القلماوي” وغيرهن ممن أثروا المجال النقدي بكتاباتهن.
وطرجت د. سناء صليحة عددا من علامات الاستفهام، منها: هل اختلاف منظور المرأة للقضايا التي تؤرقها وخروج النص من الدوران في فلك الاشتباك مع العالم الخارجي والتعبير عن الذات أدى لتطوير التكنيك، وتغيير طبيعة اللعبة المسرحية؟ وهل انعكس ذلك على مسرح المرأة في مصر والعالم العربي أم أن طبيعة النص لا تزال تفرض الدوران في محيط المسرح بصوره التقليدية؟ وهل التفاوت في نسبة إبداع المرأة في المسرح بالمقارنة للأنواع الأدبية الأخرى يعني أن المرأة لا تستهويها اللعبة المسرحية؟! ولماذا ظل فعل الكتابة للمسرح لدينا محصورا في أسماء قليلة، رغم أن زينب فواز قدمت في أوائل القرن العشرين مسرحية شعرية بعنوان «الهوى والوفاء» وأن عددا من المراجع يؤكد أن عائشة التيمورية كتبت للمسرح وأن نصوصها المسرحية فقدت؟ وما معنى اختيار سارة برنار في الغرب ومنيرة المهدية ومن بعدها فاطمة رشدي أداء أدوار الرجال؟ وهل اعتبرت المرأة في بدايات القرن الماضي شرقا وغربا الممارسات المسرحية فعلا يستوجب الاعتذار الذي لحق بفاطمة سري عندما اضطرت للتخلي عن ابنتها؟! تابعت: يقول د. أحمد مرسي إن المرأة أعظم حكاءة، وأضيف أنها بفطرتها مبدعة أصيلة للعبة المسرحية ولكن الظروف المحيطة بها سواء في الشرق أو الغرب جعلتها ممارسة في الظل، ولعل من أتيحت لهن الفرصة للظهور على خشبة المسرح أدركن أن أدوار النساء في المسرحيات لم تلقَ نفس الاهتمام الكافي من الكتاب، وبالتالي اخترن تقمص أدوار الرجال، ورغم أن المتغيرات التي شهدتها البشرية في القرن العشرين فرضت واقعا جديدا، فإن المرأة ظلت سجينة داخل قيم مجتمع تدين المرأة التي تخرج للعمل أو تسعى لتحقيق ذاتها، وتصمها بالأنانية وإهمالها لدورها الأساسي كربة بيت وأم، وهو ما عبرت عنه “كاربل تشرشل” عندما قالت إنها كانت تشعر بالذنب لأنها استأجرت مربية لرعاية صغارها، وفي النهاية قررت ألا تكتب إلا بعد أن يخلد صغارها إلى النوم.
تابعت صليحة: المدهش أن القضايا التي تناولتها الكاتبة المسرحية في الغرب، والتي عرضت فيها لوضعية المرأة في ظل المنظومة الاجتماعية والسياسية والثقافية الحاكمة، ظهرت بصورة ما في الأعمال المسرحية القليلة التي ظهرت في مصر خلال القرن العشرين. وأضافت: من خلال ترجمتي لعدة مسرحيات وجدت أن هناك اشتباكا بين العالم الخارجي والذات، وهذا أضفى شكلا معينا على المسرح وأضاف رؤية مختلفة، والمرأة نسبة تفاعلها مع المسرح المصري لا تتساوى مع تفاعل الرجل، على الرغم من أنها أعظم مبدعة على المسرح، ولكن في ظل ظروف معينة.
واختتمت المائدة بتسليم درع المجلس للدكتورة سناء صليحة، تكريما لاسم شقيقتها د. نهاد صليحة.
وشهدت الجلسة الثانية في الاحتفالية مائدة مستديرة بعنوان «خبرات وتجارب مسرحية نسائية» أدارتها الأستاذة منى شاهين. وتحدث فيها ست سيدات مبدعات، في البداية قالت الفنانة سميرة عبد العزيز إن تجربتها مع المسرح كان أساسها الإصرار، وأن حبها للمسرح بدأ في المرحلة الثانوية من خلال الإذاعة المدرسية، مشيرة إلى حرصها الشديد على الوجود يوميا في الإذاعة من أجل مخاطبة الفتيات.
وأضافت: طلبت من والدي استكمال الدراسة بمعهد الفنون المسرحية، لكنه رفض، فدخلت الجامعة وتعرفت على فريق المسرح وبدأت التمثيل فيه حتى قابلت «حافظ عبد الوهاب» الذي كان يحضر إحدى مسرحياتي بالجامعة، وطلب مني الانضمام إلى إذاعة الإسكندرية، وتعلمت وقتها كيفية مخاطبة الميكرفون، والتمثيل في الإذاعة.
وكشفت عبد العزيز عن اختيارها في منتخب أسبوع الشباب أثناء دراستها بالجامعة، لتقوم ببطولة مسرحية «المفتش العام» التي قدمت من خلاله دور «أم»، وفازت المسرحية بالمركز الأول ضمن مسابقة مسارح الجامعة، وتسلمت الجائزة من الرئيس الراحل جمال عبد الناصر الذي كان سببا في تغيير مبدأ والدها وموافقته على ذهابها إلى القاهرة واستكمال تعليمها بالمعهد العالي للفنون المسرحية.
أوضحت أن حبها للتمثيل كان يدفعها للمشاركة بدون مقابل أو شروط، مما جعل الكثيرون يطلبونها للمشاركة في أعمالهم، حتى تزوجت من الكاتب الراحل محفوظ عبد الرحمن، الذي قال لها «لو مقدرتيش نفسك كويس ما حدش هيقدرك»، وهو ما جعلها تعيد النظر وتطالب بوضع اسمها أولا وأن يحترم العاملون معها مواعيدهم.
أشارت أيضا إلى أنها لم تقدم أي عمل فني دون المستوى، قائلة: «الجميع يتحدث عني ويقول فنانة محترمة، وده عندي بالدنيا»، مؤكدة أن الفن بالنسبة لها رسالة وليس مصدر كسب.
كما قالت د. عايدة علام إنها تخرجت في كلية الفنون التطبيقية قسم الديكور والتصميم الداخلي، ومن ضمن المواد التي استفادت منها كثيرا أثناء الدراسة ديكور السينما والمسرح. أضافت: أعتبر نفسي محظوظة لأنني من جيل تمتع بمزايا كثيرة أهمها وجود وزارة القوى العاملة التي تسعى لإيجاد وظائف لشباب الخريجين.
قالت إنها عملت بعد أشهر قليلة من تخرجها في إدارة الفنون التشكيلية بجهاز الثقافة الجماهيرية التابع لوزارة الثقافة، وأن مهمة هذا الجهاز هي نشر الثقافة من الشمال للجنوب، ونشر الفن التشكيلي في كل أقاليم الجمهورية.
قالت: عندما بدأت حرب العبور سنة 1973، طلب منا عمل تصميم كارت بوستال لجنودنا على حدود القناة، وكان الفنان الراحل سعد الدين وهبة هو المسئول عن الإدارة في هذا الوقت، وبالفعل قدمت 3 تصميمات اختير منها تصميم واحد طبع وتم توزيعه على المجندين للرفع من معنوياتهم، وقد اعتبرتها نقطة فارقة في حياتي.
أشارت عايدة إلى أنها طلبت النقل إلى إدارة المسرح التابع لجهاز الثقافة الجماهيرية، وتمت الموافقة على طلبها، لتبدأ أولى خطوات رحلتها في مسارح أقاليم الجمهورية، التي تعرفت من خلالها على دور المسرح، وتأثيره في المجتمع.
وقالت مصممة السينوغرافيا إن أول تجربة لها على المسرح كانت في قرية من قرى المنصورة، وقامت وقتها بتصميم بانوراما خلفية للعرض المسرحي، ولاحظت وقتها أن جمهور القرى يختلف تماما عن جمهور القاهرة، مؤكدة أن المسرح فن حي.
أوضحت علام أن الأعمال المسرحية بدأت تتوالى عليها بعد ذلك، مستشهدة بتصميماتها في مسرحية «حفلة على الخازوق» للكاتب الراحل محفوظ عبد الرحمن، والمخرج شريف خاطر، وأيضا مسرحية «الغرفة» بطولة فتحي عبد الوهاب، ود. سامي عبد الحليم، وللمخرجة عبير لطفي.
بينما قالت نعيمة عجمي، مصممة الملابس: كنت أحب الرسم وتصنيع ملابس العرائس مع والدتي، وعندما دخلت ثانوية عامة حلمت بدخول كلية الفنون الجميلة ورفضت دخول أي كلية أخرى، وعندما تخرجت تم تعييني في مسرح الطليعة، وكان المخرج سمير العصفوري وقتها هو مدير المسرح.
وأضافت أنها عملت أول عرضين أثناء وجودها في مسرح الطليعة، وكانا من إخراج سمير العصفوري، مؤكدة أنها استفادت منه كثيرا خاصة شرحه لتفاصيل الشخصيات التي يقدمها في العرض، والتي تتيح الفرصة لتوسع الخيال للبدء بالعمل على الملابس.
وأكدت عجمي أن الإحساس الداخلي بالنص يضفي على الملابس المصداقية، مشيرة إلى اطلاعها على الكثير من الأفلام والكتب، والتجارب السابقة لمصممي الملابس، بالإضافة إلى قدرتها على تصميم الملابس بذاتها بسبب قلة وجود الخامات التي تحتاجها.
كما قالت د. سهى رأفت عضو مجموعة «أنا الحكاية»: المجموعة بدأت عام 1998 مع مؤسسة «المرأة والذاكرة» لمؤسستها د. هدى الصدا، وكنا مجموعة من الأكاديميات، وفكرت د. هالة كمال في البحث عن صوت المرأة في التراث العربي والحدوتة العربية، خصوصا أن الحواديت التي كنا نسمعها قديما كانت تتحدث عن المرأة قليلة الحيلة، والمرأة التي تنتظر الأمير أو الرجل المنقذ، وهل هذه الأنماط ما زالت تمثل المرأة في القرن العشرين.
أضافت أن مجموعة «أنا الحكاية» قررت تغيير هذه الصورة لأنها لا تمثل المرأة إطلاقا، فبدأت المجموعة بإعادة كتابة حكايات «ألف ليلة وليلة» وتحويل المرأة من النمط السلبي إلى النمط الفعال في المجتمع، وكنا نجتمع مرة كل شهر نناقش خلالها تفاصيل الحدوتة وأنماطها وإعادة كتابتها بأكثر من طريقة تجعل صورة المرأة فاعلة.
أشارت الدكتورة سهى رأفت إلى أنه في عام 2001 قدمت المجموعة أولى عروضها في بيت الهراوي، بمشاركة عازفة العود إيمان صلاح، وبدأت المجموعة تأليف موسيقى تتماشى مع الحواديت لجذب الجمهور، بالإضافة إلى استخدامنا للكثير من الوسائل التي نسعى من خلالها إلى تغيير الحواديت الشائعة وإعادة صياغتها من جديد.
فيما قالت المخرجة دعاء حمزة: درست النقد الفني بعد تخرجي من كلية الآداب قسم اللغة الإنجليزية، وتعلمت المسرح من مشاهدة العروض سواء في القطاع الخاص أو العام، مشيرة إلى أنها كانت ترى أي سيدة تقف على المسرح «غول»، مثل سميحة أيوب، سميرة عبد العزيز، محسنة توفيق، سناء جميل، وأنها لن تستطيع أن تقف مثلهم على خشبة المسرح. وأشارت إلى أنه كان لديها شغف كبير بالمسرح، وأن المسرح المستقل ظل تجربة مهمة في وجدانها، ورغم الوعي الذي اكتسبته فإنها كانت تهرب من تمثيل المسرح، حتى اتجهت إلى الورش ووجدت نفسها فيها، واكتشفت أن الممثل دائما هو جزء من الحكاية. وأشارت دعاء إلى أنها وقفت للتمثيل على خشبة المسرح لأول مرة عام 2009، وفي عام 2014 كونت فرقة «اللعبة» وأخرجت أول عرض لها بعنوان «صحى النوم»، ثم كتبت نص «مفتاح شهرة» وقامت أيضا بإخراجه، مؤكدة أنها تسعى إلى تقديم قضايا الحرية والعدالة من خلال المسرح، بالإضافة إلى اهتمامها بالمزج بين المشاهدة والحكي في العروض التي تقدمها.
وقالت الناقدة مايسة زكي، عندما بدأت أكتب في مجال المسرح كنت أختار العرض الذي يحتوي على فكرة ورؤية جمالية جديدة، وكان ذلك مرتبط بسني وطموحي ومشروعي في هذا الوقت، خصوصا أن هذه الفترة شهدت التيار المتطرف، إلى جانب انفراجة المسرح التجريبي، ومسرح الهناجر.
أضافت أن هناك كتيبة حقيقية من النساء والرجال والشباب يقدمون حاليا نصوصا قديمة بوجهة نظر جديدة، مؤكدة أن المسرح عمل جماعي لا يجب أن يكون محوره الاعتماد على النجوم.
وأشارت زكي إلى أن معايير المسرح النسوي لا تعتمد على وجود النجوم، وإنما الاعتماد على القرار الجماعي، وأيضا تقديم النصوص القديمة برؤية جديدة مغايرة.
أوضحت مايسة أن المسرح لن ينتعش في ظل الضغوط الرقابية ولا بد من الفصل على نحو واضح بين ما يهددنا كدولة، وبين ما هو مسرحي أو إبداعي حر.


رنا رأفت - ياسمين عباس