تقرير زكي طليمات عام 1931 3

تقرير زكي طليمات عام 1931  3

العدد 548 صدر بتاريخ 26فبراير2018

تُعدّ مذكرة إنشاء فرقة التمثيل الحكومية من أهم المذكرات المرفقة بتقرير زكي طليمات، وقد مهد لها متحدثا عن دور الحكومة في تشجيع القائمين على أمر المسرح سنة 1925 بتخصيص مبلغ ألفي جنيه للمؤلفين والممثلين من خلال عدة مسابقات. ثم حديثه عن لجنة ترقية التمثيل العربي، التي أشارت إلى إنشاء معهد لفن التمثيل، وإيفاد البعثات إلى أوروبا، وإنشاء فرقة حكومية تجمع المقتدرين من الممثلين العاملين وغير العاملين وطلاب المعهد الناجحين لإبراز الروايات العالمية المشهورة. وقد أنجزت الوزارة مشروع معهد فن التمثيل، واعتمدت إيفاد بعثة للتخصص في فن الممثل وأخرى في فن المناظر المسرحية. أما إنشاء الفرقة الحكومية، فلها مذكرة خاصة، أرفقها زكي طليمات في تقريره، وهذا نصها:
قال زكي طليمات، تحت عنوان (مذكرة خاصة بإنشاء فرقة التمثيل الحكومية): «تؤلف هذه الفرقة من كل نابه ونابهة من الممثلات والممثلين العاملين والذين سبق لهم الاشتغال بالمسرح وعرف عنهم التفوق. كذلك تستكمل هذه الفرقة عناصر تكوينها من متخرجي (معهد فن التمثيل) الذي يجب أن ينشأ إلى جانبها وتسير هذه الفرقة وفق نظام محكم تقوم بوضعه الوزارة يكفل للفرقة الجديدة أن تعمل على وجه صحيح وطبق خطة مثمرة وتمدها الحكومة بالإعانة المالية وتخصها بالرعاية كما هو الحال في فرنسا ورومانيا وغيرها من الممالك الأوروبية. ولهذا المشروع محبذوه ومعارضوه ولعل أول ما يطالعنا لدى تفكيرنا فيه هو أثر هذه الفرقة في المنافسة القائمة بين الفرق الأخرى، والروايات التي تمثلها والدار التي تعمل فيها. ويتغنى كثيرا معارضو هذا المشروع باسم المنافسة وأهميتها في تقديم الأشياء. عن تلك المنافسة أقول إننا إذا أرجعنا البصر كرتين في حالة مسرحنا، هذه الحال التي أسهبت بعض الشيء في شرحها، تبين لنا أن إضعاف روح المنافسة لن يؤثر مطلقا في الرقي الذي ننشده لمسرحنا من وراء هذا المشروع الجليل. وإنني استند فيما أذكر على ما يأتي:
1 - ما برحت مجهودات القائمين بالمسرح اليوم – كما كانت منذ أن هبط هذا الفن أرض مصر باللسان العربي – محاولات مختلفة ترمي إلى نشر هذا الفن وتعريفه وإقامة شعائر له في أدبنا فنحن والحالة هذه ما برحنا في دور المحاولات الأولية وللأسف فإن هذه المحاولات لم تلق التوفيق المشتهى لأسباب أتيت على ذكرها فواجب أن تقوم هيئة منظمة ذات كيان ثابت تتولى قسطا مما ترمي إليه تلك المحاولات وتحقق لازدهار هذا الفن ما يمكن أن يحققه النظام الحكومي لرغد بلد تنوء بفوضى (النظام الاقطاعي).
2 - لا تأتي المنافسة بالخير المنتظر إلا إذا قامت بين متنافسين اكتملت لديهم عناصر التكوين الذاتي. أما أن يترك لظاها يستعر بين متنافسين لم يقووا بعد على أن يدرجوا مستقيمين على أرجلهم فلن تسفر عن شيء ذي وزن اللهم إلا إذا أسفرت عن نجاح منافسة تقوم بين رجلين بترت ساق كل منهما يرومان ارتقاء تل مرتفع. فكل جوقة في مصر تحوي عددا صغيرا جدا من أكفأ الممثلات والممثلين يجعل الاتقان الذي ننشده لرواياتها أمرا مستعصيا مهما صح منها العزم على تلمس هذا الاتقان، فهي بحكم ذلك تعاني نقصا في وسائل الحركة والتقدم شبيه بما يعانيه مبتور الساق. ولا شك أنه إذا اجتمعت هذه الكمية المبعثرة من أكفأ الممثلات والممثلين تحت لواء واحد وحل التعاضد بدل التناجز أمكنها أن توفق إلى الاتقان المنشود في عملها مثل ما يوفق صاحبانا المبتورا الساق إلى ارتقاء الجبل إذا وحدا مجهوديهما ونبذا ذلك التنافس الذي يستهدفان معه لخطر السقطة الكاسرة. ويحفظ لنا تاريخ الأجواق في مصر أمثلة كثيرة تثبت لنا أن الجوقة إن كان عودها يصلب ورواياتها تزدهر كلما اجتمع تحت لواء واحد زعيمان أو ثلاثة من زعماء مسارحنا مع رهط من أكفاء الممثلين والممثلات. ففرقة (جورج أبيض) لم تعرف نجاحها إلا أيام كانت تجمع في صعيد واحد (عبد الرحمن رشدي) و(عزيز عيد) وغيرهما من كبار الممثلين وقد حل بكيانها البوار حينما انفصلت هذه العناصر القوية وانفردت وحدها بالعمل. وآخر ما أقدمه مثلا لما أذهب إليه ازدهار فرقة (يوسف وهبي) أيام كانت تضم إلى جانب زعيمها زعماء أخر أمثال (جورج أبيض) و(عزيز عيد) و(روز اليوسف).
3 - وإذا جاز لنا أن نأبه للمنافسة حتى بين المقعدين فإن تأليف الفرقة الحكومية الجديدة لن يقتل المنافسة بين الأجواق. فهناك فرقتا (نجيب الريحاني) و(علي الكسار) ينتقلان بين نوعي (الأوبريت المضحكة) و(الريفو) بل واعتقد أن ستنقلب المنافسة التي هي الآن ضعيفة تنازعا قويا من أجل مجرد الحياة بسبب وجود هذه الفرقة القوية. وهذا بلا شك من مصلحة التمثيل فالفرقة الحكومية والحالة هذه هي محرض أكبر على التنازع والتشبث بالحياة. والأغلب أن ستقوم فرقة جديدة بدلا من فرقتين يندمجان فيها هما فرقتا (وهبي) و(رشدي) اللتان يتنازعان بلا فائدة زعامة التمثيل الأدبي هذا على فرض قبول مديري هاتين الفرقتين الانضمام في صفوف الفرقة الجديدة التي يمكن أن تضم بين أعضائها الأساتذة (جورج أبيض) و(عبد الرحمن رشدي) و(عمر سري) والسيدة روز اليوسف – وهم من زعماء الحركة التمثيلية – كذلك عدد من الممثلين المثقفين الذين سبق لهم الاشتغال بالتمثيل مع زعيمهم المحامي عبد الرحمن رشدي ثم هجروا المسرح إلى دواوين الحكومة لعقم الخطة التي تسير الأجواق عليها.
4 - ستأتي المنافسة الحقة المجدية بعد سنوات قليلة حينما يتخرج من (معهد التمثيل) عدد من نوابه الممثلين والممثلات يزيد عن حاجة الفرقة الحكومية فيعمد الباقي والمستحدث إلى تأليف الجوقات المختلفة التي ستجد في نباهة رجالها الجدد ووفرة علمهم ما تنافس به (الفرقة الحكومية). هنا تقوم المنافسة في معناها الكامل، كما هو الحال في فرنسا بين مسرحي الكوميدي فرنسيز والأوديون – وهما المسرحان الحكوميان – من ناحية وسائر مسارح (البولفار) أعني المسارح الأهلية من ناحية أخرى.
وتأليفنا لفرقة جديدة على الوجه المذكور لن يكون الأول في نوعه فقد سبقتنا إلى ذلك الحكومة الفرنسية والرومانية وغيرها من الممالك الراقية. فرغم إن فرنسا أعرق الأمم الأوروبية في فن التمثيل فقد سبقت الجميع إلى إنشاء جوقة تستمد وحيها وإرادتها من هيئة وزارة التعليم فجوقة (الكوميدي فرنسيز) وهي أكبر هيئة تعمل في هذا الفن يرجع تاريخ تكوينها الأول إلى عام 1680 وقد قامت باندماج ثلاث جوقات كانت تعمل إذ ذاك بباريس وهي جوقة Theatre de Marais وجوقة Hotel de Beurgogne وفلول فرقة (موليير). اجتمع رجال وسيدات هاته الجوقات الثلاث تحت لواء واحد بأمر ملكي كريم ولا شك أن الملك لويس الرابع عشر الذي أصدر نطقه الملكي باندماج تلك الفرق الثلاث لتتكون منها فرقة واحدة قوية العناصر (فرمان مؤرخ في 21 أغسطس سنة 1680) كان يعرف جيدا ما للمنافسة من شأن كما كان يدري أيضا كيف أن المنافسة تفقد من أهميتها في بعض الأحايين وكيف أن إهمالها حينا من الدهر يزيدها قوة فيما بعد. كذلك لا جدال في أن (بونابرت) حينما أصدر (لائحة موسكو) سنة 1812 وهي اللائحة الخاصة بتنظيم تلك الفرقة وتقوية كيانها – كان يعتقد بخطورة المسرح كأداة للدعاية وكمظهر من المظاهر الأدبية والفنية للأمة. وما من أحد يسمع عما قدمه ويقدمه مسرح الكوميدي فرنسيز من مجهودات موفقة في سبيل نشر الدعاية للأدب الفرنسي في سائر ممالك العالم وما من أحد يقف على ما لهذا المسرح من أثر في ترقية الفن والرواية المسرحية الفرنسية ما من أحد يسمع أو يعرف هذا وذاك إلا ويحمد (للملك الممثل) لويس الرابع عشر وللإمبراطور نابليون – صديق الممثل تالما – إغفالهما شأن المنافسة في ظرف من الظروف وإقامتهما فرقة حكومية وطيدة الأركان تعمل للفن في هدوء وفي نجوة من لوثات النزعة المادية المتطرفة. ومما لا شك فيه أنه لو لم يقم هذا المسرح لتجردت باريس الزاخرة بآثارها الفنية من درة في تاجها توازي (متحف اللوفر).
الروايات التي تمثلها الفرقة
يقينا، إننا نتحرج إذا أزمعنا أن نوقف الفرقة الحكومية الجديدة على تمثيل ما تخرجه الأقلام المصرية من الروايات سيما في هذه الظروف الحالية التي كسدت فيها قرائح المؤلفين المصريين من جراء انصراف الأجواق الأدبية العاملة عن أخذ رواياتها. لا جدال في أن سيكون رائد هذه الفرقة أولا وآخرا تمثيل كل رواية مصرية جديرة بالتمثيل غير أن الفرقة ستكون مضطرة إلى سد حاجتها من الروايات بإخراجها الروائع العالمية في الأدب المسرحي – وليس سقط الروايات الأفرنجية – بعد نقلها إلى العربية السهلة نقلا موثوقا به ريثما تنشط قرائح المؤلفين المصريين وتصلب أقلامهم إزاء ما سيلقونه من التشجيع في ذلك الجو الفني الجديد. وهذه خطة سارت عليها الممالك الأوروبية التي يرجح تاريخ التمثيل فيها إلى عهد غير بعيد أمثال رومانيا وبولونيا وتركيا بل والولايات المتحدة. ولست فيما أذهب إليه بمشجع الجري وراء المعربات الأفرنجية وهو الأمر الذي أخذته على الأجواق العاملة اليوم – ولكنني أرى أنه ما دمنا سنكفل تشجيعا واسعا للرواية المسرحية المصرية فليس ثمت بأس في أن يتعرف الجمهور المصري إلى نفائس الروايات التي تمثل في سائر مسارح العالم. كذلك لا يصح أن يغرب على بالنا أننا ما برحنا نترسم آثار المسرح الأوروبي. وكل مؤلفينا المسرحيين يخرجون رواياتهم من قوالب أوروبية فيحسن بنا والحالة هذه أن نقف على القيم والباهر مما أخرجته تلك القوالب الأصيلة.
أما أن نرجئ تكوين هذه الفرقة ريثما يوجد بين مؤلفينا المسرحيين عباقرة ونوابغ أمثال شكسبير وكالديرون وكورنيل وراسين وموليير وغيرهم فوهم لا يخلو من خطورة تؤخر في انتعاش هذا الفن لأننا نوقف ترقية شيء على آخر قد لا يأت إلا بعد قرون أو قد لا يأت بالمرة إذ ليس لكل الأمم أمثال من ذكرت من أسماء أولئك العباقرة المؤلفين. أن من واجبنا أن نخلق الجو الذي يساعد على إزكاء الكفايات واستثارة المواهب وندع للزمن إيجاد العباقرة والنابغين. نحن بحكم خبرة هذا الفن نعتقد الوراثة المهذبة فيه وكذلك الشعائر والتقاليد فموليير وراسين لم يأتيا دفعة واحدة بل أخرجا روائعهم الفنية الخالدة على أساس وراثة وتقاليد ربت منذ القرون الوسطى أي قبل ميلادهما بأربعة قرون على الأقل. واعتقد أن لن ننتظر طويلا حتى نجد شيئا من بغيتنا من الروايات المصرية الصالحة للتمثيل في هذه الفرقة وذلك نظرا إلى وجود طائفة من الكتاب التمثيليين سيعينهم وجود الفرقة على العمل الصالح.
الدار التي تعمل بها الفرقة الحكومية
يحتم نظام العمل فنيا وإداريا أن يكون لهذه الفرقة مسرح خاص بها تعمل فيه بلا انقطاع. إن دار الأوبرا الملكية في نظامها الحالي لا تمكن هذه الفرقة من العمل فيها سوى أسابيع قليلة جدا فيجب والحالة هذه أن تُستأجر إحدى المسارح الأهلية وتجهز بما ينقصها من معدات ريثما يبت في إشادة مسرح جديد خاص بهذه الفرقة أو أخذ (مسرح حديقة الأزبكية)
الفوائد التي يجتنيها فن التمثيل العربي من وراء هذا المشروع
1 - اجتلاب حسن الظن بهذا الفن السافر وبالقائمين به. فليس من ظاهرة تحسن التعبير عن اهتمام الحكومة بفن التمثيل وبتقديرها لشأن القائمين به أكثر من إنشاء هذه الفرقة. والجمهور في مصر مسرف في حسن الظن والإيمان بكل ما تنشئه حكومة وما تظلله بعنايتها. وعليه فستهب روح جديدة على جمهور مسارحنا ومن يتشيع إليهم بحكم المحاكاة تدفع بهم من طريق غير مباشر إلى ارتياد دور التمثيل. كما أن هذه الظاهرة المباركة ستدفع بطوائف جديدة من الشباب المثقف إلى الاشتغال بهذا الفن أو العمل.
2 - تجهيز المسرح المصري لأول مرة بأداة صالحة لتأدية الروايات التمثيلية وفق ما تتطلبه أصول الفن.
3 - تشجيع الرواية المصرية.
أجل إذ ليس من وسيلة إلى تشجيع الرواية المصرية سوى إيجاد فرقة قوية العناصر تؤمن هيئتها المهيمنة على شؤونها بأنه يجب أن يكون لمسرحنا طابع خاص يوافق مزاجنا فنرحب عن طيب خاطر وعن عقيدة راسخة بكل رواية مصرية تنطوي على أثر صادق من آثار الفن الصحيح وتتضافر مع مؤلفها على نجاحها وبذلك يغدو مسرح الفرقة الحكومية أسبه شيء بمعمل تجارب توالي فيه القريحة المصرية مجهوداتها نحو تقرير فن درامي محلي. أما تشجيع الرواية المصرية عن طريق المباراة بين المؤلفين فوسيلة ناقصة لأن سير العمل في هذه المباراة مهما أحيط بسياج من الأمانة والإخلاص لا يكفل إصدار حكم صائب في قيمة الرواية التمثيلية. وفوق هذا فقيمة الرواية المسرحية الحقة لا تستكشف من وراء مطالعتها بل أمام إخراجها فوق المسرح. وقد نوه عن ذلك المؤلف العبقري (موليير) في مقدمة روايته (مدرسة النساء).
4 - وضع حد للفوضى الفنية التي يعج بها مسرحنا وإضعاف تلك النزعة المادية التي أخذت تزج به في صفوف السلع وخلق جو هادئ خال من التهويش والأغراض الشخصية الجامحة. وفوق ما ذكرنا فستصبح الفرقة الجديدة (حقل العمل) الذي سيمثل فيه طلاب بعثة فن التمثيل عند إتمام دراستهم في أوروبا وعودتهم إلى مصر. أما ما تجنيه الحكومة لذاتها من وراء ذلك فهو هيمنتها على أداة خطرة في الدعاية وفي التهذيب. وأطيب ما تناله الأمة هو إنشاء شيء أشبه (بسفارة) أدبية وفنية لها تعمل على نشر ثقافتها ورفع اسمها في سائر بلاد العالم العربي.
النظام الإداري والفني للفرقة
لم أفكر قط إذا أسميت هذه الفرقة (الفرقة الحكومية) اجتلابا لثقة الجمهور فيما ستقدمه، أن أجعل ممثلاتها وممثليها يشغلون وظائف ذات مرتبات ثابتة بإحدى أقلام الإدارة العامة للفنون الجميلة!! شيء من هذا لم يجر لي في وهم لأني أنفس بالممثل الفنان أن يخضع في حياته العملية إلى نظام سبيل الترقية فيه يرجع في الغالب إلى الأقدمية hierarchie و(قانون الدرجات). هذا فضلا عن أن اعتماد الممثل على مرتب ثابت سواء أخلص النية في جهاده أو لم يخلصها ينتهي به إلى فقدان حيويته وهذا ما لا يتفق وفن الممثل ويتنافى وجوهر مهنة سبيل الترقية الأدبية والمادية فيها يرجع إلى ما يبديه الممثل من مجهودات موفقة في فنه. وعليه أرى أن يرتكز النظام الإداري للفرقة على قواعد تجعل ازدهار العمل فيها والمكافأة يرجعان إلى ما يبذله أفرادها من صادق المجهودات وبذلك لا تتحمل الوزارة وحدها تبعة كساد العمل فيها ولا تنوء بمفردها بأعباء أي خسارة مادية قد يصاب هذا المشروع بها. بل يكون لأفراد الفرقة نصيب في كل هذا. ولعلنا نجد أساس هذا النظام في الأنظمة التي تصرف بموجبها الأمور في (مسرح الكوميدي فرنسيز) وفي المسارح الأخرى التي ترتبط مع وزارة التعليم ولا أرمي بذلك أن نطبق هذه الأنظمة بحذافيرها إذ إن بها ما لا يتفق وحالتنا وبها أيضا الفاسد الذي يضج منه أفراد تلك المسارح الأجنبية. ويؤلف النظام الفني للفرقة بحال يجعل منها أداة فعالة لنشر فن التمثيل بسائر بلاد القطر المصري فلا يقتصر عمل الفرقة على تمثيل روايات بمصر والإسكندرية وعواصم المديريات. بل يجب أن يكون في الفرقة – عندما تستكمل عناصرها من متخرجي المعهد – قسم دائم الترحال يجوب القرى الصغيرة بروايات بسيطة سهلة المأخذ تهذيبية المرمى تتفق وعقلية الفلاح الساذج وتقربه تدريجيا إلى حظيرة الفن ونزرع في نفسه أشرف المبادئ».
لضيق المقام هنا، لا نستطيع التعليق على هذه المذكرة، لذلك سنخصص المقالة القادمة لنشر أشهر المحاولات – والأفكار - التي سبقت زكي طليمات في إيجاد الفرقة الحكومية أو المسرح القومي أو المسرح المحلي، وهي محاولات بدأت منذ عام 1872.
 


سيد علي إسماعيل