المخرج البورسعيدي سامح فتحي.. وداعا

المخرج البورسعيدي سامح فتحي.. وداعا

العدد 548 صدر بتاريخ 26فبراير2018


خبر صادم أصاب المسرحيين بالثقافة الجماهيرية، فقد رحل عنهم فجأة أحد أبناء الثقافة الجماهيرية المخرج البورسعيدي سامح فتحي أثناء تأديته البروفات النهائية بفرقة قومية المنيا، الذي كان من المقرر عرضه نهاية الشهر الحالي.
سامح فتحي مخرج مسرحي من أبناء محافظة بورسعيد وأحد أبناء الثقافة الجماهيرية أعطى لهما من عمره وفنه الكثير والكثير، وقد حرص خلال الأعوام الماضية التنقل بين محافظات ومدن الصعيد التي يجد نفسه فيها لإخراج مسرحيات فرق نوادي المسرح والفرق القومية، وكانوا يطلقون عليه «المخرج الرحال» لكثرة أعماله المسرحية في تلك البقاع البعيدة التي وصل فيها حتى شلاتين مرورًا بقنا وأسيوط وسوهاج حتى عشق اللهجة الصعيدية والنوبية.

شغل الراحل عددا من المناصب الإدارية بالهيئة منها «رئيس قسم المسرح بفرع ثقافه البحر الأحمر، مدير نوادي المسرح بفرع ثقافة بورسعيد، مشرف المسرح بفرع ثقافه بورسعيد، عضو فرقه بورسعيد القومية المسرحية، مدير فرقة قصر ثقافه بورسعيد المسرحية، مدير إداري لفرقة بورسعيد القومية، عضو اللجنة العليا لمهرجان بورسعيد السنوي للمونودراما المسرحية، أمين عام نقابة فناني الأقاليم المصرية، عضو بفرقة شباب البحر التي أسسها الراحل د. عبد الرحمن عرنوس».
أخرج سامح فتحي عددا من المسرحيات منها «حواديت النصر، نداء البحر، البندقية، اغتيال عصفور، طاقة شوف، أولاد الغضب والحب، ياسين، ترنيمه الـ7 سنين، حيضان الدم، الخوف، التوهة، شاه الريم».
كما شارك المخرج الراحل بالتمثيل في عدد من المهرجانات المسرحية منها «مهرجان نوادي المسرح الأول بدمياط، مهرجان بورسعيد للإبداع المسرحي، المهرجان الختامي لنوادي المسرح الـ25».
نال سامح فتحي عددا من الجوائز عبر مسيرته الفنية منها جائزه أفضل عرض عن مسرحية «نداء البحر»، جائزة أفضل مخرج ثانٍ عن مسرحية «أولاد الغضب والحب»، جائزه أفضل ممثل عن مسرحية «رحلة منصور»، جائزة التميز عن مسرحية «حواديت النصر»، جائزه أفضل عرض عن مسرحية «ياسين».
وقد أصدرت الهيئة العامة لقصور الثقافة بيانا نعت فيه الراحل، وهذا نصه: “ينعي د. أحمد عواض رئيس الهيئة العامة لقصور الثقافة وجميع قيادات الهيئة والعاملون بها، المخرج والممثل المسرحي الكبير سامح فتحي والذي وافته المنية على خشبة المسرح كما تمنى مساء اليوم 20 فبراير 2017، أثناء بروفات العرض المسرحي (أصل وعفريت) للفرقة القومية المسرحية بفرع ثقافة المنيا”.
مناشدة
كما ناشد المخرج عادل حسان مدير مسرح الشباب بالبيت الفني للمسرح، الفنانة إيناس عبد الدايم وزيرة الثقافة، بأن تهتم الوزارة برعاية أسرته، حيث قال: «.. توفي زميلنا المبدع البورسعيدي المخلص سامح فتحي أثناء بروفات عرضه المسرحي الذي كان مقررا له أن يفتتح خلال أيام بقصر ثقافة المنيا مساء أمس الثلاثاء
.. مات سامح وهو يؤدي عمله بإخلاص تاركا أسرته، زوجته وأبناءه، مات سامح ولكننا لم نمت بعد حتى اللحظة لعلنا نستطيع أن نفعل لأجله شيئا حتى نلقاه... ننتظر أن تهتم وزارة الثقافة بأمر رعاية أبناء سامح فتحي، وتكريم اسمه بما يستحق.. نعلم أنك ستفعلينها يا دكتورة إيناس».
والتقت “مسرحنا” بعدد من مسرحيي الثقافة الجماهيرية، ومن أصدقاء الراحل والعاملين معه.
الفنان جلال العشري مدير فرقة السامر قال: “رحل الإنسان الطيب (أبو العربي)، بكل ما فيه من جدعنة ونخوة وعشق للمسرح، منذ أن كان صغيرا وظل يمثل ويخرج حتى أصبح الإخراج مهنته بالثقافة الجماهيرية، وكان يحلم بنشر المسرح في النجوع والكفور، ووصل حتى حلايب وشلاتين والغردقة وتقريبا ظل رحال الفن هنا وهناك حتى مات بالمسرح في عاصمة مصر القديمة بالمنيا.. رحل سامح وبرأسه فكرة مسرحية، وأتذكر أنه دائما ما كان يقول أتمنى أن أموت على المسرح وبالفعل نال أمنيته، رحمة الله عليه كان إنسانا يتأثر بكل شيء وسرعان ما تدمع عينه.. رحم الله سامح فتحي وأتمنى أن يقام له تأبين يليق بما قدمه لمسرح الثقافة الجماهيرية”.
الرحال
وقال الفنان عزت زين: “أشعر بخسارة كبيرة، فسامح فتحي كان مخرجا رحالا كما كان يصف نفسه دائما، هو وأسرته كانوا يعيشون للمسرح فقط ولكل فاعلياته وفي أحلك الظروف الصحية كان في رحلته الأخيرة للمنيا وكأنه جندي من جنود مصر يحمل سلاحه للنهاية، رحمة الله عليه”.
التوأم
وقال المخرج محمد العشري من بور سعيد: “سامح فتحي كان يطلق علي دائما لقب التوأم، كان من أجدع وأجمل الأشخاص، كنت دائما ألجأ له عندما أمر بضيق أو أزمة ما، كما كان يشاركني كل نجاحاتي، كان سامح فتحي هو تميمة نجاحي، كان شخص محبوب، معروف بمساعدته للغير حتى الأشخاص التي لا يعرفها، ولا يمتلك أي عقد نفسية كان متسامحا مع الجميع، أما سامح فتحي الفنان فعشق الفن منذ طفولته، وكان مشروع ممثل عبقري، وقد أصبح ممثلا يمتلك اسما كبيرا بفرق الثقافة الجماهيرية، وأراد أن يحقق حلمه في الإخراج، بدأ كمخرج بنوادي المسرح وبيوت الثقافة حتى وصل للقوميات هذا العام، ولكن للأسف لم يحالفه الحظ ليرى عرضه فقد مات وهو في بروفاته النهائية، سامح فتحي ظاهرة كنت أود أن تظل طويلا في حياتي”.
تمنى الموت على المسرح
أما الفنانة سحر الحمزي مدير الشؤون الفنية بفرع البحر الأحمر فتقول: “تعرفت على سامح فتحي منذ أكثر من خمسة أعوام، وقد وقف بجوري هو وزوجته دون أن يعرفني معرفة شخصية أو حتى يراني، وذلك عند مرض والدي ومن ثم وفاته، وكان معروف عنه حبه للناس وحب الناس له، وكذلك خفة دمه وكان لديه براعة في فن الحكي، وكان لي الحظ أن أعمل معه عندما تم نقله إلى الغردقة، فبعيدا عن كونه فنانا بارعا وذلك بشهادة الجميع فهو أيضا إداريا ناجحا، فقد سامح فتحي خسارة كبيرة على المستوى الفني والمستوى الإنساني أيضا”.
عاش في الظل
وقال الكاتب شاذلي فرح: “سامح فتحي كان فنانا شاملا، عرفته كممثل وكمخرج، وقد قضى حياته في مسرح الثقافة الجماهيرية، كما قدم الكثير من العروض في نوادي المسرح إلى أن تم اعتماده رسميا كمخرج في الثقافة الجماهيرية، سامح فتحي لم يكن الفنان الأول ولا الأخير الذي يقع على خشبة المسرح فهناك الكثير من فناني الثقافة الجماهيرية الذين يعيشون في الظل ويموتون أيضا في الظل، فسامح يكشف بموته معاناة فناني الأقاليم، فبموت سامح قد يشعر فنانو الأقاليم أنهم قضوا سنوات كثيرة من عمرهم هباء، فبموت سامح فتحي ماتت الأصالة، فسامح دائما ما اتسم بخفة الظل وكان فاكهة المهرجانات وله الكثير من الصداقات في بقاع مصر، سامح فتحي يعد خسارة فنية للهيئة العامة لقصور الثقافة، وعلى الهيئة أن تقدم تكريما لهذا الفنان المحبوب”.
بيته المسرح
ويقول الملحن أحمد الدمنهوري من البحيرة: “كان سامح فتحي من أعز أصدقائي وأقربهم لقلبي، وقد كافحنا كثيرا سويا كي نحفر أسماءنا في الصخر، دائما ما كنت آخذ رأيه في أعمالي وهو كذلك، وكان المسرح بيته الثاني، فكان يغار عليه كثيرا وكان صديقا لكل المسرحيين، واعتاد على مهاجمة الفساد دون أن يخاف أحدا، كان خفيف الدم فعندما كنت أفتح موقع التواصل الاجتماعي أبحث عن منشوراته وإذا اختفى ليوم واحد أطمئن عليه لأن ذلك ليس من عادته”.
أما المخرج أحمد يسري من بور سعيد فقال: “بدأت علاقتي بالراحل سامح فتحي من خلال المسرح، خاصة مسرح الثقافة الجماهيرية، وعلى الرغم من تعمق صداقاتنا إلا أنني لم يحالفني الحظ أن أعمل معه في أي من أعماله، ولكن دائما كنت أجده مهتما بما أقدم ويسارع في حضور العروض، وكان يصدر الطاقة الإيجابية لكل من حوله، وكان محبوبا على المستوى الفني والمستوى الإنساني أيضا، فرحمة الله عليه، وندعو الله أن يلهمنا الصبر والسلوان”.
معجون بالمسرح
بينما قال المخرج عمرو كمال: «سامح فتحي فنان مطحون، معجون بماء المسرح، عاش مسرحجي ومات مسرحجي كما كان يتمني، فهو فنان عرف بالجنون ومن حبه للمسرح تزوج فنانة أيضا تعشق المسرح وأنجب أطفالا كبرا على حب المسرح، وكان مرحا ضحوكا لأقصى درجة، عاش من أجل المسرح فقط، وكان يعيش كما يقولوا (بالطول والعرض) وعلى الرغم من أنه عرف بصوته العالي ولكن حنيته كانت لا توصف، ورغم غضبه السريع إلا أن هذا الغضب كان وقتيا وينتهي سريعا”.
المناضل
أما الفنان د. سراج محمود فقال: “مات المناضل، لم أجد طول فترة اإقامتي في بورسعيد سنوات طويلة من يحمل سمات النضال والصمود والشجاعة كما حملها بداخله هذا الرجل.. كان دائمًا يثق في الله ويخوض تجارب يجبُن الكثير ممن هم أكبر منه خبرة أن يخوضوها، يتعامل مع ثقافات وطبائع مختلفة وجديدة في أطراف مصر: فرشوط وشلاتين وغيرها، ويستطيع بقلبه الطيب ولباقته أن يكسب كل من يتعامل معه. كنت أتابع تحدّي وإصرار هذا الرجل في أن يجاز كمخرج في الثقافة الجماهيرية وكان لي حظ حضور تلك الليلة التي عرض فيها تجربته، كنت أرى في عينيه رجاء وأملا لسنوات من النضال للوصول إلى حلمه كمخرج ولحظتها تأكدت أن كل هذا الأمل المتجمع في شخص سامح لا بد وأن يترجم إلى الوصول. مات الملهم لم أنس عندما سافر إلى فرشوط واتصل بي وقال لي بالحرف الواحد (أنا عاوز أعظم أفيش ممكن تعمله في حياتك) وبدأ في سرد التجربة التي يقوم بها وفي كل لحظة كان يصف لي فيها تفاصيل التجربة، كان يبث طاقة إيجابية كبيرة لدرجة أنني جندت وقتها كل طاقاتي لعمل هذا الأفيش، ودون أن يشعر تحول هذا الرجل إلى ملهم لأفكار كثيرة، وأعترف أنني لم أبذل في حياتي جهدًا في أي من تصميماتي كما فعلت مع تجربة (ياسين) واستلم مني سامح يومها تصميما بمستوى لم ينفذ مثله في كل عروض الثقافة الجماهيرية ولا البيت الفني ولا عروض الجامعات في سنوات طوال، تصميم بمستوى حلمه. مات الخال الرجل الذي كان الأخ الأكبر والخال لكل الشباب في هذه المدينة الباسلة.. كان دائما السند لهم وكان لا يتردد لحظة في معاونة أي منهم وربما وقف في الكثير من التجارب بلا أجر سنين وسنين دون رياء أو منفعة، ليس فقط على يديه قامت الكثير من التجارب بل كان أحد الدعائم الأساسية لظهور أول مهرجان دولي للمسرح وهو مهرجان بورسعيد الدولي للمونودراما. مات صديقي، إن العين تدمع والقلب يحزن ولا نقول إلا ما يرضي ربنا وإنا بفراقك يا سامح لمحزونون”.
بورسعيد فقدت الكثير
وقال الفنان حازم شبل: «سامح مش مجرد فنان فرد.. ده أسرة فنية.. زوجة وولد وبنت كلهم فنانين، شاءت الأقدار أن أكون أحد أعضاء لجنة اعتماد سامح كمخرج عام 2009.. وقتها ميلت علي ودن سامح وقلتله ليا عندك رجاء واحد فقط.. أول عرض تخرجه بعد الاعتماد اجتهد أنه يبقي كويس ومتميز.. السنة اللي بعدها سامح راح يخرج في فرشوط.. وكان علي قدر وعده وأخرج عرضا متميزا تأهل للعرض في المهرجان القومي للمسرح عام 2010.. وحصل علي جائزة تسلمها سامح من وزير الثقافة علي خشبة مسرح الأوبرا.
وتوالت سلسلة تحقيق سامح لذاته وحبه للمسرح وسافر ليخرج المسرح في عدة أقاليم.. وكان مسلحًا بإيمانه بالله وإرادته ودعم معنوي من زوجته الأصيلة وأبناءه.. بور سعيد فقدت كثيرًا من بريقها الإنساني بغيابك ياصديقي، أبدًا لن ننساك وحزننا عليك كبير ومفجع».
قبلة الوداع
ونعاه الفنان سيد حسني بفرقة المنيا القومية بقوله: “رحل الرحالة، رحل صديق الفن، ورحل صديق المرض، بقلوب حزينة ننعي أنفسنا لوفاة المغفور له بإذن الله الفنان والأخ والصديق والحبيب أبو قلب طيب، الذي وافته المنية أثناء بروفة المسرح، توفي وهو يعمل، توفي وهو يخلص في عمله، توفي ليبقى اسم سامح فتحي عاليا، بوسة الوداع أخذتها على خدي الأيمن قبل وفاته بدقائق، بعد أدائي لمشهدي في المسرحية، كان طاير زي الملايكة داخل القاعة مع كل حركة داخل كل مشهد مع كل ممثل، كنا نجهز ونستعد للاحتفال بعيد ميلادك بعد 3 أيام، لكن سبقتنا ورحلت عنا تركتنا وللأبد”.
وفال الفنان عز حلمي: “كلمني من كام يوم وقالي كنت عايزك تعملي اضاءة المسرحية الجديدة في المنيا بس للاسف مافيش أجهزة ومش عايز ابهدلك معايا. فقولتله وعد مني اعملك العرض هدية مني لما توصل للمهرجان الختامي. حقك عليا مش هنفذ وعدي ليك لانك فارقت الحياة. الله يرحمك ويجعل مثواك الجنة”.
فدائي المسرح
الفنان ماهر كمال رئيس إقليم القناة وسيناء: “سامح فتحي كنت دايما جنبي وكنا متفقين على حاجات كتير..أنت فدائي المسرح أعطيت حتى اللحظة الأخيرة بكل إخلاص لعملك ورسالتك ستظل في الوجدان يا صديقي الغالي..إلى اللقاء والبقاء لله”.
وقال الفنان محمد حامد: «مات النهاردة واحد من غلابة المسرح اللي شقيانين ف ترابه، مات وهو زي أي واحد فينا لسه متشعبط ف الحلم».
وقال الفنان مجدي مرعي: “سامح فتحي، رحلت ورحلت معك كل المعاني الطيبة الشهامة الرجولة الإيثار عشق الفن. وداعا يا من جاهدت في تجميع فناني الأقاليم في نقابة فناني الأقاليم. رحلت يا من كنت تقف إلى جوار كل فناني. رحلت ورحلت معك الكلمات في جنة الخلد يا صديقي”.
كما صدرت عدة بيانات نعي من الفرق المسرحية بهيئة قصور الثقافة من بنها، وفرقة فلاحين المنصورة التي علقت بروفاتها مدة ثلاثة أيام حدادا على وفاته واصفة إياه بفقيد المسرح البورسعيدي.
كما نعاه قصر ثقافة فارسكور، وفرقة فاقوس المسرحية، وفرع ثقافة الفيوم وفنانوه، وقصر ثقافة موط وفرقته المسرحية وموظفو وفنانو فرع ثقافة بورسعيد، وعدد كبير من المسرحيين بكل أنحاء مصر، نعاه المسرحيون في كل مكان بقدر تجواله ومحبته التي وزعها على قلوب المسرحيين طوال تاريخه الفني ومشاركاته المتعددة ممثلا ومخرجا وإداريا.
 

 


شيماء منصور