مدير مسرح العرائس المخرج محمد نور: مسرح العرائس يحتاج إلى اهتمام حقيقي وليس إلى شعارات

مدير مسرح العرائس المخرج محمد نور: مسرح العرائس يحتاج إلى اهتمام حقيقي وليس إلى شعارات

العدد 548 صدر بتاريخ 26فبراير2018

المخرج محمد نور، مدير مسرح العرائس، حاصل على ليسانس الحقوق جامعة عين شمس، وبكالوريوس النقد والدراما من أكاديمة الفنون، تلقى دورة تدربية في فنون العرائس على يد الخبير الروماني سيميون فاليريو وإشراف الفنان القدير صلاح السقا. فنان عرائس ومخرج منفذ للكثير من عروض المسرح أهمها أوبريت الليلة الكبيرة وأبو علي إخراج صلاح السقا، ومسرحية «أنا وعرائسي في المطار» إخراج أحمد رأفت بهجت. حصل محمد نور على الكثير من الجوائز وشهادات التقدير من المهرجانات الدولية وأشرف على الكثير من ورش تصنيع العرائس وتحريكها. يقدم حاليا عرض «رحلة الزمن الجميل» من خلال فرقة القاهرة لمسرح العرائس، تأليف وأشعار يحيى زكريا، موسيقى وألحان كريم عرفه، أشرف على تصميم العرائس د. ناجي شاكر، ديكور د. محمد سعد، تنفيذ عرائس سامية عبد اللطيف، نحت محمود الطوبجي. حول مسرح العرائس والعرض ومستقبل هذا الفن وأسئلة أخرى كان لـ»مسرحنا» معه هذا الحوار

 


 - حدثنا عن تجربتك في عرض «رحلة الزمن الجميل»؟
أردنا أن نلقي الضوء على بلدنا بما تحويه من أماكن سياحية خلابة، لا يعلم كثيرون عنها شيئا ولا عن تاريخنا وشخصياتنا التاريخية، ومن هنا جاءت فكرة العرض أن نقدم تعريفا للأطفال عن تاريخنا وعن أبرز الأماكن السياحية وأجملها، ورأينا أن أنسب إطار هو تقديم العصر الفرعوني وقام بكتابة العرض وأشعاره الكاتب والشاعر الراحل يحيى زكريا، الذي كان شغوفا بالتاريخ وقمنا بعمل جلسات عمل كثيرة حتى نصل إلى الشكل الدرامي المناسب، ومن خلال القصة الدرامية نستعرض أهم الشخصيات التي أثرت البلاد بإنجازاتها، وأبرزهما مينا موحد القطرين وإخناتون الذي تبنى عقيدة التوحيد.
ما التكنيك المستخدم في عرض «رحلة الزمن الجميل»؟
قدمت أسلوبا فنيا جديدا، كنت أسعى إلى تقديمه منذ فترة طويلة، وهو أن تقدم عرائس الماريونت في مساحة أكبر من المعتاد، فقد كانت تشغل مساحة 30% من مساحة المسرح، لا تزيد على 240 سم، أما في العرض فقد جعلت الماريونت تقدم في مساحة أكبر من المسرح تصل إلى 10 أمتار، وهو ما يتيح حرية الحركة في الفضاء الواسع لعرائس الماريونت وكانت الصعوبة متمثلة في عدم وجود وسيلة لتحريك الماريونت وحاولنا التغلب عليها وتقديم صورة مغايرة.
 - لماذا يحدث خلط بين مسرح العرائس ومسرح الطفل وما الفرق بينها؟
هذا الخلط موجود لأن المادة الفنية العرائسية تقدم للطفل، ولكن مسرح الطفل يقدمه الكبار والأطفال بشكل واقعي، أما مسرح العرائس فيقدم في إطار فنتازي خيالي بواسطة العرائس وأهم ما يميز كاتب مسرح العرائس هو الخيال الخصب والعالم الخيالي الذي تنسج به القصة.
 - هل يمكن لمسرح العرائس تقديم عروض تحتوي على رسائل حتى وإن كانت سياسية؟
ليس دور مسرح العرائس أن يقدم مسرحا سياسيا، ولكنه يقدم عروضا تنويرية ومعرفية مبسطة يفتح بها أذهان الطفل، وإذا قدم جانبا سياسيا فيقدمه بشكل غير مباشر، أنا لا أميل إلى المباشرة في التعامل مع الطفل، فالطفل يأتي إلى مسرح العرائس للمتعة والترفيه والمعرفة ويجب أن يقدم له عمل يحترم عقليته ويفيدها بشكل غير مباشر، عن طريق تقديم قيم تربوية وأخلاقية من خلال شكل درامي، أما المباشرة فلها وسائل أخرى كالكتب والمدرسة.
ماذا ينقص مسرح العرائس الآن؟
ما يحتاجه مسرح العرائس الآن هو الاهتمام الحقيقي وليس الشعارات، فالمسرح له رسالة وأهداف تنويرية وليس فقط للمتعة، لذا فلا بد أن يتم دعمه، فالمسرح يعاني من مشكلات كثيرة منها أن العرائس في مصر ليس لها مؤسسة علمية قوية، بعكس ما يحدث في الخارج، فالعالم يحترم هذا الفن وينشئ له معاهد وكليات متخصصة، بالإضافة إلى أنه عندما يقدم نصا لمسرح العرائس يتم تدعيمه بأبحاث في علم النفس، لأن الأطفال هم شباب المستقبل، وينقصنا في مصر الدراسات الأكاديمية المؤهلة لفناني العرائس ثقافيا وبدنيا، فهناك أنواع من فن العرائس كالماريونت يحتاج إلى لياقة بدينة عالية وتمارين، كما أن هذا الفن يعتمد على الخدع والإبهار ويحتاج إلى إمكانيات مختلفة في تجهيز المسارح وهو ما ينقصنا.
 - هل مسرح العرائس قادر على مخاطبة عقل الطفل الذي يتعامل مع التكنولوجيا الحديثة؟
الطفل في الوقت الحالي له مصادر كثيرة ومتعددة للمعرفة منها الكتب والتلفزيون والإنترنت وغيرها، ومن الصعوبة تقديم أعمال ساذجة للطفل، قديما كانت الحياة بسيطة ولا نستطيع التعامل اليوم بمنطق الماضي، فالطفل اليوم يحتاج إلى عناية خاصة وكتابة متميزة وهو ما يجعلنا نتوجه إلى الكاتب المثقف الواعي الذي يستطيع أن يخاطب طفل اليوم، إضافة إلى المخرج الواعي الذي يستطيع تقديم صورة مسرحية جاذبة ومبهرة.
لماذا لا يسعى مسرح العرائس لاقتناء آلات صنع العرائس كالتي استخدمها الفنان أشرف عبد الباقي مؤخرا ولاقت نجاحا كبيرا؟
العروسة التي استخدمها الفنان أشرف عبد الباقي تجسد إنسانا طبيعيا وهي تحاكي أبطال «مسرح مصر» وقد تم تجسيدهم بشكل عرائسي، وهو أسلوب فني لا يمثل مسرح العرائس، فالعرائس لها قدرات تعبيرية خاصة ومختلفة، ومع احترامي الكامل لهذه التجربة فلا يصح لعروسة أن تكون مسخا لإنسان طبيعي.
 - ذكرت من قبل أنه يتم التجهيز لمهرجان كبير للعرائس.. فهل تم تحديد موعد له أم ما زال الأمر قيد البحث؟
أرى أنه ليس هناك حماس كافٍ لعمل مهرجان، فمنذ سنوات طويلة كان حلمي وحلم فناني العرائس إقامة مهرجان لفن العرائس، ولم يتحقق الأمر رغم محاولات كثيرة بذلناها مع وزارة الثقافة لتبني الفكرة، والاهتمام بإقامة مهرجانات للعروض المسرحية الكبيرة، لما تحققه من أهداف دعائية واهتمام بالمخرجين والكتاب، وحلمي بإقامة مهرجان للعرائس ليس حلما تجاريا أو دعائيا إنما ليكون هناك مهرجانا يفيد فن العرائس ويتم فيه انتقاء الفرق القوية، وأن يكون هذا المهرجان بمثابة نافذة على التقنيات الحديثة في هذا الفن في ظل عدم وجود أكاديميات لتعليم هذا الفن، ومن أحلامي أيضا استقدام الفرق المهمة بهدف الاستفادة من خبراتها وتقنياتها المتقدمة إلى جانب وجود خبراء وإقامة ورش لفناني العرائس المصريين.
 - لماذا لا يتم إرسال فنانين العرائس للتدريب في الخارج على أحدث التقنيات؟
الأمر يقع جزء كبير منه على الجانب المادي والاقتصادي، وقد حدثت بعض التجارب الخاصة بالبعثات ولم تأتِ بجدوى أو تحقق شيئا لفن العرائس، فالاختيار لا بد أن يكون له معايير مثل السن والمؤهل وعدد سنوات الخبرة، ومن الممكن أن نجد من تنطبق عليهم هذه الشروط ولكنهم غير مؤهلين لهذه البعثات، وبالتالي فإن ذهابهم في البعثات لن يمثل أي إضافة، في الوقت الذي يوجد به فنانون مؤهلون ولكن لا تنطبق عليهم الشروط، كذلك أرى تحقيقا لأكبر فائدة أن يتم إحضار خبراء إلى لمصر ويستفيد الجميع.
0 لماذا لا نرى أوبريت في حجم الليلة الكبيرة؟
«معندناش صلاح جاهين وسيد مكاوي تانيين» من وجهة نظري إن من أهم أسباب نجاح أوبريت الليلة الكبيرة، الكلمة واللحن، فقبل أن تصبح الليلة الكبيرة أوبريت للعرائس كانت صورة غنائية في الإذاعة، وكانت محبوبة لما تمتلكه من مقومات للنجاح، وهو ما دفع الفنانين القائمين عليها لتقديم عمل مسرحي. وأود أن أقول إن العرائس في مصر حتى عام 1959 لم يكن أحد يعلم عنها شيئا إلى أن تم تدريب فناني العرائس عام 1959 على يد الخبيرة الرومانية «دورينا تنا سيسكو» وقدموا عرضين في هذه الفترة، وهما الشاطر حسن وبنت السلطان، وسافرا عام 1959 إلى رومانيا. كذلك دعا مهرجان بوخارست الدولي، وهو أكبر مهرجان للعرائس، الصورة الغنائية الليلة الكبيرة فقدمنا بعض التعديلات عليها لتناسب فن العرائس، فكان أول عرض لأوبريت الليلة الكبيرة في بوخارست، وحققت ناجحا كبيرا ونالت الجائزة الثانية.


رنا رأفت