بعد تكريمها من رابطة مسرح المرأة بنيويورك المخرجة عبير علي: المسرح صناعة ثقافية ثقيلة

بعد تكريمها من رابطة مسرح المرأة بنيويورك المخرجة عبير علي:  المسرح صناعة ثقافية ثقيلة

العدد 540 صدر بتاريخ 1يناير2018

المخرجة عبير علي مخرجة ودراماتورج وسينوغراف وباحثة في الفلكلور، أسست مختبر المسحراتي المستقل منذ عام 1989، وهو كيان فني مستقل يعمل على التنمية عبر الفنون. دراماتورج وإخراج 20 عرضا مسرحيا من إنتاج الفرقة وبالتعاون مع وزارة الثقافة أو جامعة القاهرة أو بعض المراكز الثقافية الأوروبية مثل المؤسسة الثقافية السويسرية والسفارة الهولندية ومكتبة الإسكندرية، مصممة برامج وخطط تدريب وورش. ومن أهم الجوائز التي حصلت عليها أفضل ملابس وديكور خمسة عروض مسرحية من وزارة الثقافة المصرية،
أفضل عرض «حكاوى الحرملك» و«أشباح مصرية»، أحسن نص عرض «فيفا ماما» في المهرجان القومي للمسرح، وحصلت أيضا على جائزة المسرحي التونسي عز الدين قنون عن مجمل أعمالها كمخرجة مسرحية، وكانت قيمة الجائزة دعم إنتاج بالتعاون مع وزارة الثقافة المصرية لإخراج مسرحية الرمادي عن رواية 1984 للمشاركة في المهرجان القومي للمسرح والمهرجان التجريبي. ومؤخرا كرمتها رابطة مسرح المرأة في نيويورك عن مجمل أعمالها ودورها كمخرجة مسرحية داخل مجتمعها، حول هذا التكريم وعن قضايا مسرحية كثيرة أجرت «مسرحنا» معها هذا الحوار.

ماذا يمثل لك هذا التكريم؟
التكريم يعد شيئا مبهجا وطاقة أمل، خصوصا أنه جاء بعد تقديمي لعرض الرمادي شعرت بخيبة أمل لأنه لم يحصل على جوائز عن عناصره، خصوصا أن العرض حصل على المستوى الثاني في المهرجان القومي في الدورة قبل الماضية، ولكنى أحترم قرار لجنة التحكيم، فقد كنت أرى أنه عرض جيد ومتميز وذلك بإقبال الجماهير وبالمقالات النقدية التي كتبت عنه، كما أن لدي مساحة من الموضوعية التي تجعلني أعرف مستوى ما أقدمه، لذا أرى أنه قد وقع عليه ظلم نتيجة ظروف خاصة ومشكلات حدثت في بعض الأجهزة في مسرح الهناجر. كذلك كان لدى إحساس بعدم المعيارية والموضوعية في الواقع الثقافي ترتبط باختيار الأشخاص، وأود القول إن ترشيحي للجائزة أنا والمخرجة مروة رضوان من قبل خالد جلال رئيس قطاع شؤون الإنتاج الثقافي ومحمد الدسوقي مدير مسرح الهناجر، فتح لي طاقة من الأمل والتكريم جاء من رابطة مسرح المرأة المحترف، وهي مؤسسة دولية مقرها نيويورك تقدم جائزة تقدم كل عامين، للنساء اللواتي أسهمن بأعمالهن المسرحية في دعم حركة المسرح في بلادهن وتنمية مجتمعاتهن.

هل تحصل الفنانة في مصر على حقها في العمل؟
المشكلة ليست في حصول المرأة على حقها، ولكن في عدم وجود عدالة في إتاحة الفرص للمبدعين، وغياب المعيارية والموضوعية، فلا بد أن تتاح الفرصة للمبدعين سواء كانوا رجالا أم نساء في أن يقدموا إبداعاتهم دون تمييز، وضرورة وضع معيار مهنى معلن يطبق على الجميع، الأمر الذي يحتاج إلى تخطيط، وهناك ضرورة لأن تقوم المؤسسات بالإعلان عن مشروعاتها وأن يتم تقييم هذه المشروعات وتتم متابعتها دوريا وهو ما يصنع بنية مسرحية.

وماذا عن مشروع دعم المسرح المستقل؟
مجلس الأمناء الخاص بمشروع المسرح المستقل الذي تم تشكيلة بقرار وزاري والذي ضم في عضويته كل من الناقدة الراحلة نهاد صليحة وأنا والكاتبة رشا عبد المنعم والمخرج محمد عبد الخالق والفنان طارق سعيد والمخرجة نورا أمين، مع قيادات وزارة الثقافة الممثلة للدولة ومنهم رئيس المجلس الأعلى للثقافة، وبعضوية رئيس الهيئة العامة لقصور الثقافة قام بعمل لائحة تصيغ علاقة الدولة بالمسرح المستقل وتشمل المعايير وشكل الخطة والدعم والخطة السنوية ومعايير التدريب وجميع الآليات كما قمنا بمراجعة اللائحة مع المستشار القانوني لوزير الثقافة وانتهينا من اللائحة وما زالت حبيسة الأدراج، كما كان من المفترض أن يقوم صندوق التنمية الثقافية بفتح حساب لمشروع دعم المسرح المستقل، ويخصص هذا الحساب من ميزانية الدولة، وقمنا بعدة مخاطبات لفتح هذا الحساب ولكن لم يتم فتحه، وبالتالي لا يوجد مخصص مالي، وقد طالبنا عدة مرات وزير الثقافة وإلى الآن لم نستطع مقابلته.

هناك خلط بين مصطلح الفنان الهاوي والفنان المستقل فما الفرق بينهما من وجهة نظرك؟
المسرح المستقل غير هادف للربح يقدم خدمة ثقافية مثله مثل مسرح الدولة ولكن العاملين به متخصصون، ويعتبر المسرح مهنتهم الأساسية، ومستمرون في العمل على مشروعهم المسرحي، ويتقاضون أجرا مقابل عملهم في المسرح، وبالتالي فالمستقل مشروط بأنه مالك لأدواته التقنية والمهنية ومستمر في مشروعه فيما لا يقل عن خمس أو ست سنوات، ويتقاضى أجرا مقابل العمل.

ولكن كيف يكون مستقلا ويحصل على دعم من الدولة؟
وزارة الثقافة ليست لدعم العمل الحكومي فقط، نحن ندفع ضرائب من أجل دعم الصحة والثقافة والفنون، وبالتالي من حق المبدعين المستقلين تلقي جزء من أموال الضرائب مقابل العمل في مجال الإبداع والثقافة، فالمسرح يحتاج إلى تدريب وبحث وهو ما يتطلب وقتا، وبالتالي يحتاج إلى تفرغ، وهو ما يتطلب منح الفنان أجرا مقابل مهنته، وكما نعلم فإن شباك التذاكر لا يكفي متطلبات الإنتاج وأجور العاملين، خاصة المسرح الذي يقدم مشروعا ثقافيا ضخما، إضافة إلى إننا مستقلون فكريا ولدينا رؤى مغايرة لا تتعارض مع الدولة. إن جميع روافد المسرح المصري، مسرح مستقل أو ثقافة جماهيرية أو قطاع خاص، لا يستطيع أحد منها أن يلغي الأخرى، فالمسرح هو الصناعة الثقافية الثقيلة، وواجهة الدول المتحضرة.

ما الذي جذبك في رواية 1984 لتقديمها؟
هي رواية شديدة الكآبه، قامت الروائية آمال الميرغني بمسرحتها، وقد رأيت فيها فكرة الفزع من الاختلاف، فأي شخص يختلف في الرأي يعد عدوا ويستباح دمه، فكرة الديكتاتور في الرواية لم تشكل لي هاجسا بقدر هاجس الخوف من التعددية وعدم تقبلها، وكان حلمي من خلال عرض «الرمادي» أن أرسخ لمفهوم التعددية والاختلاف الذي من شأنه أن يصنع مجتمعا صحيحا، إضافة إلى أن الأخ الأكبر في الرواية بداخلنا، وقد قمت بعمل دراماتورج للعمل لتحويل الرواية نحو فكرة الاختلاف والتعددية.

 - هل هناك فقر في الكتابة للمسرح؟
هناك كتابات كثيرة وكتاب كثيرين ولكن المشكلة الأكبر هي النمطية والتكرار، فأين التلميذ والأستاذ، حيث كان التلميذ يتعلم من الأستاذ ويتدرب ثم يقوم بعمل إبداعه بشكل مختلف. لدينا كثير من الكتاب ولكن الغالبية العظمى منهم نمطيون لا يقرأون، ولا يشاهدون إلا من رحم ربى. ومن ثم فهناك فقر في الإبداع.

ما رأيك في المهرجانات التي تقام في مصر؟
أنا مع إقامة فعاليات ثقافية طول الوقت فوجود فاعلية ثقافية يجعل الفن جزءا من حياتنا اليومية. ولكن التساؤل الأهم: لماذا يقام المهرجان؟ وكيف يقام؟ وما هو مشروعه؟ فهناك ضرورة لأن تقوم المهرجانات الكبرى بتبني مشروع ثقافي تعمل عليه، على سبيل المثال يتبنى المهرجان فرقا مسرحية شوهدت من قبل لجنة المشاهدة في المهرجان، لديها ملامح متميزة ولكنها تحتاج إلى دعم تقني أو مهني فيتم عمل ورشة دائمة لهذه الفرقة ويتم تبنيها وعمل مشروع بها يكون بمثابة الحضانة الذي قمت بمناقشته في لجنة المسرح.

 - ما تقييمك لدور الثقافة الجماهيرية في الفترة الحالية؟
الثقافة الجماهيرية هي خط الدفاع الأول في أقاليم مصر، وهي بمثابة المتنفس الفني لكل الأقاليم. مشروع الثقافة الجماهيرية هو مشروع ثقافي متحضر، لا مركزي ويعد أهم المشاريع الثقافية في مصر، ولكن دوره يتوقف دائما على وجود قيادات نشطة، واذا كانت القيادات غير ذلك فسيموت المشروع وهو يحتاج إلى متابعة كما يحتاج إلى تخطيط يحمي القصور من سيطرة مديري القصور. كذلك فإن مشروع نوادي المسرح من أهم مشاريع الثقافة الجماهيرية رغم ميزانيته المتواضعة.


رنا رأفت