صياد العفاريت متعة وبهجة وتنمية لمهارات الطفل

صياد العفاريت متعة وبهجة وتنمية لمهارات الطفل

العدد 543 صدر بتاريخ 22يناير2018

الحدوتة دائما ما تكون الحل الأمثل لتنمية مهارات الطفل في مجالات حياته المختلفة حيث تعتمد على إرسال رسالة ما داخلها، التي تكشف عن مغزاها عند نهايتها، فعندما يتم قص الحدوتة عليه تبدأ ردود أفعاله المنتظرة والمترقبة في الظهور، ومثلما يلجأ الجدود لقصها على أحفادهم، لجأ العرض المسرحي «صياد العفاريت» لحدوتة بسيطة يتم من خلالها خطف أنظار الأطفال إلى أهمية أن يكون الطفل ناجحا في دراسته حتى يتكون له مستقبل مشرق. عرض «صياد العفاريت» تأليف وإخراج «جمال ياقوت» عن فكرة مستوحاة من نص «حلم فصيح» للكاتب ناصر العزبي، ديكور محمود سامي، أشعار محمد مخيمر، ألحان وتوزيع وائل عاطف صلاح، استعراضات إبراهيم حسن، بطولة محمد فاروق، إسلام صلاح، محمد بريقع، نورهان رمزي، أحمد السعيد، ميديا سامر سمير، و54 طفلا من مراحل عمرية مختلفة من إنتاج مدرسة كرييشن للفنون.
قسمت المسرحية إلى نصفين مترابطين ما قبل العرض ومرحلة العرض الآنية، فيما يخص المرحلة الأولى التي كانت بمثابة مرحلة تمهيدية للفئة العمرية ولطبيعة النص الذي سيقدم، فقد تم اللجوء إلى الممثل «محمد فاروق» في صورة مهرج يمرح ويمزح مع الأطفال والكبار من الحضور الموجودين داخل مسرح مكتبة الإسكندرية عن طريق سؤال الحضور أسئلة وانتظار أجوبة تعتمد على المغالطة في المعنى والمفارقة اللفظية وصلا إلى مرحلة العرض، لم تحتوِ مرحلة العرض على بعد واتجاه واحد في المسرحية حيث الاعتماد على الفلاش باك المتواصل أثناء سرد الأحداث وجعله يظهر في صورة حواديت منفصلة حتى يتمكن الأطفال من استيعابها بسهولة، ولمزيد من جذب الانتباه فقد تم الاعتماد على فريقين متضادين من حيث الملابس والحركة الراقصة في شكل استعراض غنائي فمنهم من كانت حركاته منظمة والآخر كانت حركتهم تشبه الراب في عدم تنظيمها.
تيمة أساسية تعمل المسرحية على إرسالها كرسالة للأطفال عن طريق تضفيرها بخط درامي آخر وأداء كورالي ليؤكدا الرسالة الخاصة بالاهتمام بالتعلم والمذاكرة، تبدأ الأحداث الدرامية بحدوتة يحكيها الجد لفريق الكورال تخص الطفل حمادة الذي نجده طالبا متكاسلا يهمل مذاكرة دروسه رافضا لنصائح أخته الكبرى محبا للعب على الحاسب الآلي خصوصا لعبة أكل السمك، وهو ما تسبب في إخراجه لعفريت صغير ولكنه عاجز عن مساعدته لأنه كان مهملا لدراسته هو الآخر حتى يخرج عفريت أكبر وهو المارد الديجيتال ويحاول التخلص منها ليفزع حمادة ويفوق من حلمه ويهم في إعلان رغبته للمذاكرة ومنه تصل الرسالة إلى الفريق غير المنظم الذي يكشف عن رغبته في المذاكرة هو الآخر.
يندرج مسرح الطفل تحت سياق التنشئة الاجتماعية الذي يعمل على تكييف الطفل لبيئته الاجتماعية وصياغته في الصورة التي يرتضيها مجتمعه وأسرته حيث الرغبة الملحة في الامتثال لمطالب الأسرة عن طريق طرح المرغوب فيه في شكل مسرحي يتسبب في توحد الطفل المتلقي للعرض المسرحي مع بطل الشخصية المسرحية المعروض أمامه، ولذلك لا يتم اللجوء إلى شخصيات متعددة الأبعاد حتى يتمكن الطفل من استيعابها بسهولة دون الإغراق في التفاصيل، ولأن الطفل هو متلقٍ ذو طبع خاص فلا يمكن للمسرح أن يعرض الشخصيات مثل «الجن والعفريت» في صورة مفزعة، وهذا الأمر ما أدركه ياقوت في عرضه؛ حيث حمل سلالة الجان والعفاريت بالألوان الزاهية الملونة التي عملت على جذب أعين الأطفال في صورة كوميدية مضحكة دون إرسال الخوف والفزع في القلوب، حتى عندما طرح كبار العفاريت فقد ظهروا في صورة هزيلة ضعيفة مضحكة للأطفال الذين لا يتوقعون مثل تلك الأفعال من شخصيات تكبرهم في العمر والحجم.
العرض المسرحي كان عبارة عن حواديت متداخلة، عمل الفلاش باك على كشفها، فالمهرج  –الجد - يقص على الأطفال حدوتة حمادة الذي يرفض المذاكرة، العفريت الصغير «عفير» يبدأ في سرد حكايته الخاصة بفشله الدراسي الذي تسبب في حبسه، والمارد الديجيتال «مرمر» يبدأ في سرد حكايته هو الآخر، اعتمدت المشاهد التي قد تحمل خوفا على الأطفال إلى اللجوء لفن خيال الظل وبذلك يصبح كبير العفريت الذي أصدر أوامر بحبس العفريت عفير هو صورة غير مكتملة الملامح والوضوح بالنسبة للطفل وأيضا هزلية لأنها عبارة عن رأس متكلم بدون جسد وملامح يسهل إدراكها له وإن اعتمد على رأس ملونة الملامح في صورتها الأولية دون تحديد دقيق.
الموسيقى في المسرح لا تستخدم كفن منفرد بذاته بل هي حالة شعورية تعمل في صورة تكاملية مع العمل المقدم، أما مسرح الطفل فلا يمكنه الاستغاء عنها، ولهذا بدأ العرض المسرحي باستعراض غنائي يمهد للأحداث المسرحية عن طريق الفريقين المتضادين  –فريق المتفوقين وفريق الفاشلين - وأيضا تم استخدام الموسيقى بين المشاهد داخل القصص والحواديت حتى لا ينصرف تركيز الطفل عن العرض وتسبب ذلك في زيادة استمتاع الطفل بالعرض، وهو الأمر الذي ظهر في ردرو أفعال الأطفال داخل قاعة مسرح مكتبة الإسكندرية بين ضحكات وإجابات لما يطرح أمامهم، أيضا كانت الاستعراضات الغنائية في حالة تناغم مع بقية مفردات عناصر العرض المسرحي الأخرى فكان الديكور المسرحي يوجد على ارتفاع يبعد عن الممثلين أثناء الاستعراضات، وهو ما عمل على تكامل الأمر دون خلل أو إعاقة لحركة الممثلين.
بث المتعة والبهجة في نفوس الأطفال والكبار من الحضور، كان هو الحالة المسرحية التي غلبت على الحضور طوال مدة العرض المسرحي في صورة مسرحية منضبطة.


ضحى الوردانى