عام الكاتب المصرى هل نبدأ؟

عام الكاتب المصرى هل نبدأ؟

العدد 524 صدر بتاريخ 11سبتمبر2017

فى دورته العاشرة الحاملة لإسم الناقدة الراحلة الأستاذة الدكتورة “نهاد صليحة”، وفى حفل ختامه، وتوؤيع جوائزه، أعلنت لجنة تحكيم المسابقة الرسمية للمهرجان القومى للمسرح برئاسة الكاتب المسرحى الكبير “محمد أبو العلا السلامونى” حجب جائزة التأليف المسرحى لهذا العام، وقد أثار هذا القرار غضب الكثير من كتاب المسرح المصرى المشاركين بأعمال لهم داخل المهرجان، وهذا أمر مفهوم إذ كان يطمح بعضهم إلى الفوز بالجائزة، كما أثار القرار أيضا ثائرة العديد من كتاب المسرح بشكل عام، إذ رأوا فى ذلك الحجب وأد ـ على تتعبير بعضهم ـ لكتاب المسرح، لا سيما الشباب منهم، ولأعمالهم المسرحية، وقد إنعكس التعبير عن ذلك الغضب فى تعبيرات هى مزيج من الإحباط والحنق، والتطاول على جيل الوسط من كتاب المسرح المصرى متمثلا فى رئيس لجنة التحكيم الكاتب “محمد أبو العلا السلامونى” الذى لا يستطيع أحد إنكار دوره ـ ككاتب ـ له إسهاماته بالعديد من النصوص الهامة فى تاريخ المسرح، وتحمل الرجل تبعات تلك الأزمة، والهجوم الضارى عليه وحده، على الرغم من أن ذلك القرار لا يتحمل الرجل وزره وحده ـ إذا كان ذلك وزرا ـ بل يتحمله معه كافة أعضاء اللجنة التى كان من بين أعضائها ناقد متمرس وأستاذ للدراما والنقد هو الدكتور “محمد زعيمة”، والمخرج “ناصر عبدالمنعم”، أستاذ الموسيقى الدكتورة “رانيا يحيى”، أستاذ الديكور “بنيامين” والممثلة “فردوس عبدالحميد” . ، وقد إستغل تلك الموجة الغاضبة البعض ممن لاناقة لهم ولا جمل فى القضية، للإتجاه بها نحو تحقيق مصالح شخصية، ومطالب فئوية عبر تجميع بعض الغاضبين حولهم لمحاولة إكتساب غطاء شرعى إلا أنه جاء مليئ بالخزوقات غير المرتوقة ، وبالتالى الكاشفة لوجوه لم تنجح أقنعتها فى مدارة أغراضهم غير النبيلة، وعيونهم التى لا ترى سوى تحت القدمين، دون القدرة على مد البصر أفقيا لرؤية أشمل لواقع حال عروضنا المسرحية، وإنتاجنا من النصوص المسرحية فى السنوات الأخيرة التى تقدم عليها بقايا مؤسسات إنتاجية مفتقدة لرؤية وإستراتيجية عامة لدورها، ومن ثم تقبل على التعاقد على نصوص متهافتة، ضعيفة لاتشكل ولا تعكس وجودا حقيقيا للنصوص المسرحية الكبرى بالمفهوم الفكرى والأدبى، وما إذا كان ذلك المنتج يشكل أزمة حقيقية للنص المسرحى المصرى، أم هى مجرد أزمة مفتعلة يحلو لبعض النقاد مضغها وإجترارها من حين لآخر.
وبعد هدوء تلك الغضبة، وتداعياتها، هل يمكن لنا أن نتركها تمرككثير غيرها من  هبات تذهب أدراج الرياح؟ أم نمسك بتلابيبها ونتحاور بجدية حول واقع مسرحنا بشكل عام ونصوصنا المسرحية على وجه الخصوص؟ علنا نصل إلى نتيجة، أو مجموعة من النتائج تضعنا جميعا كمسرحيين فى الإطار الصحيح دون شيفونية، وساعين فى نفس الوقت إلى إجتياز أزماتنا، ومطورين من أدواتنا، وهادفين إلى خلق واقع مسرحى نرتضيه، ونهفو إليه جميعا، يضعنا على عتبات المسار الصحيح.
وفى ظننا أن الأمر يحتاج إلى مرتكزين رئيسيين أولهما مجموعة من الملتقيات الفكرية الجادة يشارك فيها الكتاب والنقاد بمجموعة من الدراسات الجادة لنماذج من نصوص مسرحية لمختلف الكتاب المساهمين فى صياغة المشهد المسرحى خلال العشر سنوات الأخيرة، ولدينا من أسماء الكتاب كثيرين، ولدينا أيضا وفرة كبيرة من إنتاجهم المسرحى  ونحاول الوقوف على سماتها الفكرية والتقنية، والقضايا التى تناولتها، وكيفية معالجتها لتلك القضايا، ومدى تشابكها مع الواقع من عدمه، ولماذا؟........ الخ من أطروحات تحتاج أن نضع أيدينا عليها .
أما ثانى تلك المرتكزات فهو غير منفصل عن المحور الأول ويسير فى نفس طريق محاولة تكشف واقع الحال الذى نحن عليه، وذلك بأن نضع شعارا نحاول أن نتبناه جميعا، وهو “عام الكاتب المسرحى المصرى” ليكون موسمنا المسرحى القادم موسما مصريا خالصا بكل نصوصه، دون الحجر بالطبع على حرية أحد من المخرجين فى أن يحلق خارج السرب، ولنرى ما إذا كنا قادرون عبر إبداعنا المسرحى، وما نملكه من نصوص لا سيما الجديد منها، وليكن ماكتب فى العقد الأخير كما أشرنا من قبل على تغطية هذا العام (عام الكاتب المسرحى المصرى)، ولنرى ونحلل أيضا ونقف على ماوصلنا إليه من مستوى سلبا وإيجابا.
 ولتكن أولى خطواتنا أن تتبنى الإدارة العامة للمسرح بالثقافة الجماهيرية هذا الشعار فى خطتها للموسم القادم، ليكون أكبر عدد من منتج عروضها المسرحية لكتاب مصريين، سواء بنصوص مسرحية أصيلة (أى كتبت للمسرح مباشرة)، أو نصوص معدة عن جنس غير مسرحى لكاتب مصرى أيضا، حتى لا نفاجأ بما فوجئنا به فى الموسم الماضى فى بعض الأقاليم التى تجاوزت النصوص الأجنبية لعروضها أكثر من نصف تلك العروض!!!! وفى إقاليم أخرى(إقليم شرق الدلتا على سبيل المثال) الذى أنتج أربعة عشر عرضا مسرحيا جاء ثلاقة عشر عرضا منها لنصوص أجنبية!!
وليتبنى البيت البيت الفنى للمسرح يتبنى نفس الشعار‘ وغير ذلك من المؤسسات الرسمية المنتجة للمسرح، وليت نفس الشعار يمتد أفقيا إلى مسرح الجامعة بما ينتجه من عروض كثيرة، وإلى كل عروض المجتمع المدنى، وفى هذه الحال يمكن مد نفس الشعار إلى القائمين على المهرجان القومى للمسرح المصرى، لاسيما اللجنة العليا به ليتبنى المهرجان  الشعار ذاته فى دورته القادمة الحادية عشر، ويكون أحد شروط المشاركة فى تلك الدورة أن يكون العرض نصا مسرحيا مصريا أصيلا حتى لو كان معدا عن أصل روائى أو غير روائى، على أن تحمل الدورة أيضا إسم أحد الكتاب المسرحيين المصريين، وليكن فى كل ذلك رد إعتبار لكل من شعر بجرح ـ من كتاب المسرح ـ فى إبداعه المسرحى، أو تجاهل ووأد لكتاباته المسرحية من جراء قرار لجنة التحكيم بحجب جائزة التأليف بختام دورة مهرجان هذا العام.
نرجو أن تجد تلك الدعوة من يتحمس لها من المسرحيين المخلصين لفنهم، الراغبين فى أن يحفر مانمارسه من فعل مسرحى علامات مضيئة تجد لنفسها مكانا نفخر وتفخر به الأجيال التالية التى ستحمل شعلة هذا الفن من بعدنا.
 


أحمد هاشم