د. احمد زايد رئيس المؤتمر يناقش: "تغيرات الثقافة ـ تحولات الواقع"

في إطار فعاليات مؤتمر أدباء مصر "تغيرات الثقافة .. تحولات الواقع" فى دورته الفضية " الخامسة والعشرين...دورة محسن الخياط" الذى يقام تحت رعاية د. أحمد مجاهد رئيس الهيئة العامة لقصور الثقافة وتنظمه الإدارة العامة للثقافة العامة برئاسة الشاعر محمد أبو المجد التابعة للإدارة المركزية للشئون الثقافية التي يرأسها الشاعر سعد عبد الرحمن، رأس المؤتمر د.أحمد زايد، ويتولى أمانته د.جمال التلاوي في قصر ثقافة الجيزة، أقيمت المحاضرة الثقافية للمؤتمر بعنوان "تغيرات الثقافة .. تحولات الواقع" للدكتور أحمد زايد، وأدارها د.عبد الرحيم الكردى.
وأشار د.أحمد زايد إلى أن مفهوم الثقافة بالمعنى الضيق يشير إلى جميع المنتجات العقلية والفنية والعلمية، التي تميز شعباً من الشعوب، أما مفهوم الثقافة بالمعنى السوسيولوجي الأوسع، فإنه يشير إلى "مخططات الحياة تاريخية المنشأ" بمعنى أنها تشتمل على كل أساليب الحياة التي تستغرق مدى كبيراً من الرموز، والعادات، والتقاليد، والمعتقدات، والفنون، والمنتجات المادية وكل ما يتعلمه الإنسان بوصفه عضواً في الجماعة.
وقد أكد علماء الاجتماع المحدثون على أن نسق الثقافة هو النسق المنوط به للمحافظة على استمرار المجتمع وعلى حفظ مكونات هويته وخصائصه المميزة، فعبر الثقافة تستمر الطاقة الكامنة في المجتمع لتحقق له الصمود عبر الزمن، وذلك عبر العمليات المستمرة لنقل تراث المجتمع وثقافته إلى الأجيال المتجددة، مع المحافظة على ما يتيحه المجتمع من تجديدات وإبداعات "فنية وأدبية وتكنولوجية"، وأضاف أيضاً أن الثقافة تراث حي لا يسكن عند حالة معينة ولا يقف عند شواطئ محدودة، بل يتغير على نحو دائم، ويتفاعل مع المتغيرات الجديدة تفاعلاً ديناميكياً وخلاقاً، ولم تشهد الثقافة في أي عصر من عصور تبدلها، مثلما تشهد في عصرنا الحالي، الذي سمى "عصر العولمة"، فلقد تداخلت الثقافات وتفاعلت على نحو عميق، وتحولت المجتمعات التي كانت متباعدة إلى مجتمعات تتقارب عبر وسائل اتصال سريعة، وأصبحت التكنولوجيا والأموال والأفكار والأيدولوجيا تنساب في تدفقات لا بداية لها ولا نهاية، تتسرب من كل فج وتسير فى كل اتجاه، وكل هذه التغيرات تنتج مجتمعاً جديداً مختلفاً، تختلف فيه مفاهيم الزمان والمكان، حيث تتقارب المسافات، فتتلاشى معها اعتبارات المسافة والزمن وتتدفق فيه ثقافة الصورة وأنماط الاستهلاك البصرى، فيتخلق فيه واقع مزدوج بين عالم واقعى يعيشه الناس، وعالم مصنوع تتغير فيه القيم والعلاقات وأنماط السلوك وأنماط العمل والعلاقات بين الرجل والمرأة وبين الكبار والصغار، وتتبلور فيه أشكال جديدة للأسرة، وتتفاعل فيه أشكال من الأيدولوجيا، يتأسس بعضها عبر أجندات السيطرة والتحكم، بينما يشكل البعض الآخر من أسفل عبر أشكال المقاومة والصمود، واستطرد المحاضر قائلاً أن العولمة إذ تجمع العالم من أعلى فى هياكل اقتصادية، فإنه تفرقه من أسفل، بمعنى عمليات التمزيق الثقافي المستمر الذى تظهر تجلياته فى صراعات عرقية ودينية وإقليمية وأكد أيضاً على أن ساحة الثقافة تتحول فى ظرف العولمة إلى ساحة عراك حقيقي  بين التقليدى والحديث والدينى، والعلمانى، والمحلى، والعالمى، والماضى، والحاضر، والشمال، والجنوب، وهذه كلها تعارضات تفرز من داخلها الخلافات الشخصية والمذهبية على تعدد أطيافها وتنوع ظلالها.
 وأضاف أيضاً أن هذه التعرضات والصراعات تتفاقم فى ظل الضعف المستمر للدولة وتحولها إلى دولة رخوة خاصة فى مجالات الثقافة، فهى إذ تحقق سيادة على الأرض وعلى أجساد البشر فإنها لا تحقق السيادة على عقولهم وتوجهاتهم فقد سرق منها ظرف العولمة هذه السيادة، وأصبحت العقول مفتوحة على كل اتجاه يفعل فيها ما يشاء، وأصبحت الثقافات المتعارضة فى توجهاتها تخترق هذه العقول لتمزقها من الداخل وأكد أيضاً أن هذا التأثير يتعاظم فى حالة ضعف المنظومة التعليمية وضعف السياسات الثقافية فى توجيه هذه العقول وتنشئتها فى ضوء معايير واضحة للالتزام والانتماء، ولاشك أن كل هذا تأثيرات ضخمة على الهوية، وعلى نمط التجانس العام، والروح العامة للمجتمع التي قد يصيبها الوهن إذا ما تركت عرضة للمؤثرات المختلفة دون سند قوى من التعليم وأساليب ضبط الالتزام.
ثم فتح باب النقاش فجاء سؤال الأديب زكريا عبد الغنى عن ثقافة الاستهلاك؟ فرد د. أحمد زايد أن الثقافة الاستهلاكية ليس معناها الاستهلاك وإنما هى ثقافة لها أموال وأدوات للنشر، وهى ليست ثقافة مادية بحته ولكنها ثقافة رمزية، وتتعلق بدور الاستهلاك فى الممارسات اليومية، ونجحت الرأسمالية فى تحويل فكرة الاستهلاك العادى إلى ثقافة الاستهلاك فأصبحت ثقافة رمزية، وهى أيضاً ثقافة عالمية، كما تدخل كل الطبقات الفقيرة، وهى مسيطرة على عقول البشر وعلى الإنتاج الثقافى والفكرى، وتساءل الباحث حمدى سليمان إلى أين تذهب بنا الثقافة الاستهلاكية؟ فجاء رد د. أحمد زايد بأن الثقافة الاستهلاكية لا تؤدى لتدنى الثقافة ولكنها قدر، وتقهرنا من الخارج وتجعل سلوكنا ينحاز أحياناً لإبداع تافه ربما تحت ضغط أزمة مادية.
أما الشاعر رجب الأغر فقد أشار إلى أن هناك فجوة بين المثقف والمتلقى العادى، وبين المبدع والمتلقى العادى أيضاً، فكيف نقضى على هذه الفجوة؟ فرد د. أحمد زايد نقضى عليها بأن نبحث عن طريقة تجعل الناس تتقبل إبداعنا "موسيقى، شعر، أدب" فالموسيقى ترقى بالشعوب، فنعلم الناس العزف والغناء، ومنها ننتقل إلى الشعر وبالتدريج سنجده يكتب الشعر ويتكلم بالشعر.
وتساءل إسماعيل الأشول محرر بجريدة الكرامة هل يمكن أن تروج صناعة التنوير والإبداع فى ظل الاستبداد السياسى؟ فقال د. أحمد زايد أنا لا أرى فى مصر استبداد سياسي ولدينا قدر من الحرية ولكن ليس كافياً، فلابد أن نستثمره.
أما الروائى سيد الوكيل فقد تساءل كيف يمكن أن نتكهن بمستقبل الأدب بسبب غياب نظرية نقدية؟ فرد د. أحمد مجاهد رئيس الهيئة العامة لقصور الثقافة قائلاً أعبر عن شكرى وإعجابى بفكر وآراء أستاذى د. أحمد زايد، وأنا متفق معه تماماً على أن العنوان كان من الممكن أن يكون "تحولات الواقع .. تغيرات الثقافة" لأن الواقع أكثر عمومية من الثقافة فيصبح الخاص والعام فى التقديم والتأخير محل نظر، ثم عقب على سؤال الروائى والناقد  سيد الوكيل قائلاً بالنسبة لنظرية النقد: أن النقد الأدبى الثقافى ظهر قبل ظهور النقد الثقافى، وظهر مع ظهور نظرية التلقى، والمثقف الآن يقف فى المنطقة الوسطى بين النص والمتلقى.


 



رجوع للصحفة الرئيسية   |  الذهاب لأرشيف الأخبار  

الصفحة ارئيسية   أرشيف الأخبار   اشترك في القائمة البريدية   دفـتر الـــزوار
الــدورة الحـالية   خريطة الموقع   اجـعلنا صفحـتك الرئيســية   وسائل الاتصال
هذا الموقع من تصميم وتطوير مركز التصميم الجرافيكي
جميع الحقوق محفوظة للهيئة العامة لقصور الثقافة - مصر