اللواء سعد خليل والناقد أحمد مجاهد في حضرة أدباء مصر " السرد الجديد يؤكد تواصل الأجيال

منذ اللحظة الأولي لانطلاق الدورة الثالثة والعشرين لمؤتمر أدباء مصر في الأقاليم ، تجلت روح الإبداع السردي العظيم الذي أرساه نجيب محفوظ وأجيال مهمة تلته ، وتجلت روح الإبداع النقدي ممثلا بأجياله علي اختلافه رؤاهم ومناهجهم ، وتجلت روح الشباب المبدع المتألق والطامح للتجديد والتطوير ، تجلت روح مرسى مطروح أهلها وبحرها وهوائها النقي ، هذا التجلي احتضن ما يزيد عن ثلاثمائة مبدع وناقد وفنان من أبناء مصر في الأقاليم ، وحمل صورة الفنان فاروق حسني واللواء سعد خليل والناقد د.أحمد مجاهد مؤكدا علي تمايز هذه الدورة في رئاسة الروائي الكبير خيري شلبي والروائي والناقد المتميز سيد الوكيل ، وبحضور نخبة من الساردين المهمين في تاريخ السرد المصري من بينهم إبراهيم أصلان . في بداية كلمته وجه الدكتور أحمد مجاهد رئيس الهيئة العامة لقصور الثقافة الشكر للوزير المحافظ اللواء سعد خليل علي استضافته للمؤتمر وتحمل المحافظة لإقامة الأدباء والكتاب المشاركين فيه ، وأيضا وجه الشكر للروائي الكبير خيري شلبي قائلا : أنا مدين بالشكر لعمي خيري شلبي وهو عمي حقا ، علما بأن الأمانة العامة هي التي اختارته رئيسا للمؤتمر ، فهو صديق لوالدي ، وأشكره لقبوله رئاسة هذا المؤتمر في دورته الثالثة والعشرين ، كذلك أدين بالشكر للقاص سيد الوكيل لهذا الانضباط الأكاديمي للمؤتمر . ووجه د.أحمد مجاهد الشكر لضيوف المؤتمر من رجالات الثقافة والأدب في مصر ، وقال : إن الأسماء التي تستحق التحية كثيرة وأخشي أن أنسى بعضها ، أستاذنا الناقد الكبير د.محمود الربيعي ، ومبدعنا الكبير إبراهيم أصلان .وكذلك أشكر زملائي الذين تولوا تبعة هذا المؤتمر سعد عبد الرحمن رئيس الإدارة المركزية للشئون الثقافية وإجلال هاشم رئيس إقليم غرب ووسط الدلتا الثقافي ومحمد أبو المجد مدير عام الثقافة العامة . ثم نقل د.مجاهد تحية الفنان فاروق حسني وزير الثقافة واعتذاره عن عدم حضور المؤتمر ، وقال : كان السيد الوزير جادا في نيته حضور هذا المؤتمر وافتتاح قصر الثقافة بمطروح لولا وجوده الآن في الاسكندرية لحضور ختام فعاليات الإسكندرية عاصمة الثقافة الإسلامية ، واضطر للوجود بالقاهرة اليوم لاستقبال وزراء الثقافة العرب الذين بدأوا يتوافدون علي مصر . وأضاف د.مجاهد أن هذا المؤتمر يمثل نموذجا للديمقراطية ، فأمانته منتخبة ومكرموه منتخبون ورئيسه منتخب ، لذلك فهذا المؤتمر برلمان ثقافي حقيقي . وأكد د.مجاهد علي أن الهيئة العامة لقصور الثقافة تدار من خلال المثقفين ورؤاهم التنموية ، واستأذن د. مجاهد أمانة المؤتمر فى إضافة اسم الشاعر الراحل محمد الحسينى الى قائمة المكرمين خاصة وانه قد رحل قبل ايام قليلة من انطلاق فعاليات المؤتمر وان الفنان فاروق حسنى وزير الثقافة قد قرر مكافأة قدرها عشرة آلاف جنيه لاسرة المبدع الراحل . وتحدث د.مجاهد عما تم إنجازه في الفترة القليلة الماضية فأشار إلي افتتاح عدد من قصور الثقافة في مختلف أنحاء مصر منها بيت ثقافة بنى عبيد، قصر ثقافة المنصورة، قصر ثقافة مرسى مطروح والإعداد لافتتاح قصر ثقافة الغردقة الذي يعد من أكبر قصور الثقافة فى مصر ويضم 40 غرفة لاستضافة الأدباء. عن الأهداف التي تسعي الهيئة لتحقيقها من خلال تواصلها مع الجماهير قال : أولا الحفاظ علي الهوية القومية ، وثانيا تعميق الوعي لدي المواطن العادي بواسطة المثقفين ، وثالثا تمكين الشباب من الوسائط الثقافية الحديثة وسد الفجوة بين الهيئة والشباب . وانطلاقا من رؤيته هذه أكد د.مجاهد علي قيام الهيئة بتوسيع دائرة حضورها وفاعليتها في المدارس والجامعات والأندية وقال : أجرينا عددا من البروتوكولات بين الهيئة وعدد من الهيئات والمؤسسات المختلفة من بينها الصندوق الاجتماعي للتنمية برئاسة د.هاني سيف النصر ، لدعم معرفة الشباب بمجالات التنمية في مصر وتعريفه بطبيعة المشروعات الصغيرة التي تدعمها الدولة في مختلف محافظات الجمهورية والمواقع التابعة للهيئة ، باعتبار أن الثقافة ليست هي الأدب والفن والشعر ، فحسب إنما لها دور في الإسهام في عمليات التنمية ، هذا فضلا عن سلسلة من الندوات أطلقتها الهيئة لتعريف الشباب بأبعاد المشكلات المختلفة والتي من بينها المشكلة الاقتصادية والمالية التي تضرب العالم الآن . وحول النشر بالهيئة تحدث د. مجاهد عن معاودة إصدار مجلة الثقافة الجديدة التى يتولى رئاسة تحريرها الأستاذ طارق الطاهر مشيرا إلى انه لا يمكن المقارنة بين ناقد ومفكر كبير راحل كالناقد الكبير د.سامى خشبة رئيس التحرير السابق والذى جعل منها ساحة للنقد والإبداع وبين صحفى قدير خبير بمهنته كطارق الطاهر القادر على تحويلها إلى صوت حقيقى للحركة الأدبية والإبداعية المصرية مطالبا الحضور بالمقارنة بين آخر الإعداد الصادرة من المجلة برئاسة تحرير د.سامى خشبة والعدد الأول الصادر مؤخرا برئاسة تحرير طارق الطاهر . وأضاف د. مجاهد انه جارى الإعداد حاليا لإصدار سلسلة جديدة عن الكمبيوتر والإنترنت تتولي رئاسة تحريرها د.رشا عبد الله الأستاذ بالجامعة الأمريكية سعيا لخلق التواصل بين إصدارات وأنشطة الهيئة وشريحة كبيرة من جمهورها يمثلها الشباب . وتحدث د.مجاهد عن ضغط النفقات في الهيئة لإنفاقها في أنشطة أخري وضرب مثلا بتوفير أكثر من مليون جنيه من ميزانية برنامج ليالي المحروسة التي أقيمت خلال شهر رمضان الماضي ، عبر اشراك قطاعات وزارة الثقافة ، في هذه الاحتفالية وكذلك الموافقة علي أن تعرض فرق من الهيئة لأية جهة من مؤسسات المجتمع المدني بشرط أن تتولي هذه الجهة وضع بدل الانتقال أن هذا البند وفر ما يقرب من مليون وربع جنيه للهيئة ، بالإضافة إلي تبادل الفرق بين الإقليم الواحد فقط الذي وفر حوالي 200.000 لكل إقليم . وتحدث رئيس الهيئة العامة لقصور الثقافة حول سعى الهيئة خلال الفترة المقبلة لاعادة هيكلة إدارات " جمعيات رواد قصور الثقافة " التى أنشئت بمبادرة من المبدع الراحل سعد الدين وهبة ابان فترة رئاسته للهيئة والتى كانت تهدف الى خلق مصدر دخل يعود على انشطة الهيئة مشيرا الى انه عائد لتوه من الأقصر عقب المشاركة فى افتتاح السيدة سوزان مبارك لمركز الحرف اليدوية بالأقصر والذى يعد بداية متميزة لاستثمار المواهب التى تزخر بها هيئة قصور الثقافة لتعود عليها بدخل يسهم فى تطوير الأنشطة بها وفقا للوائح جمعيات الرواد التى نجح تسعون فرعا منها فى توفيق أوضاعهم مع وزارة الشئون الاجتماعية بالفعل . وحول الجديد فى أنشطة الهيئة أكد د. مجاهد سعيه للاستعانة بالخبراء والمتخصصين فى المجالات الفنية والأدبية المختلفة لإعطاء دفعة نوعية للأنشطة مشيرا إلى اختيار المخرج الكبير عصام السيد لتولى إدارة المسرح واختيار الفنان احمد إبراهيم لتولى إدارة الموسيقى والغناء مشيرا الى ان مهرجان الموسيقى العربية الذى أقيم مؤخرا فى المنيا لم يكن مهرجانا احتفاليا بل هو مسابقة وفرصة حقيقة لاعادة صياغة أنشطة فرق الموسيقى العربية وتوفير مساحة حقيقية للتنافس والإبداع بشكل يحقق الارتقاء بمستويات كوادر هذه الفرق. تدريب للراقصين . أما فيما يتعلق بفرق الفنون الشعبية فقد تقرر تأجيل مسابقة هذا العام التي تتكلف حوالي 450 ألف جنيه ، لإنفاق هذا المبلغ علي تجديد ملابس الفرق وآلاتها الموسيقية وإعداد ورش وأعلن د.مجاهد عن الإعداد للاحتفالية الخاصة بمناسبة مرور عشرين علي تأسيس هيئة قصور الثقافة وتطويرها لتكون هيئة عامة ، في العام القادم . وفي ختام كلمته توجه د.مجاهد بوصفه ناقدا يطلب لأمانة المؤتمر بأن تتخير موضوعا كبيرا يكون هو المحور العام للمؤتمرات الإقليمية القادمة حتى لا تعمل في جزر منفصلة ، علي أن يغلق الملف في المؤتمر العام القادم ويطبع كاملا . وأشاد اللواء سعد خليل محافظ مرسى مطروح بأدباء مصر وبدور الثقافة والمثقفين في عمليات التنمية الشاملة ، لما تؤديه الثقافة من خدمة خطط التنمية ، وأكد أن الموارد في مطروح تتيح لها النهوض وإنجاز خططها التنموية حيث تتوافر الموارد الطبيعية والسياحية الترفيهية والعلاجية وفرص الاستثمار الناجح بالمحافظة وذلك في محاولة لإضافة فائض لميزانية المحافظة وبالتالي ميزانية الجمهور المصرية ، ولن يتحقق ذلك إلا بوجود قادة مثقفين نعقد عليهم الأمل في التخطيط والإعداد لهذه النهضة . وأكد الروائي سيد الوكيل أمين عام المؤتمر في كلمته أن السردُ ليس مجرَّدَ دربٍ من دروب الترفيهِ والتسلية، وليس مجردَ صورةٍ من صُوَرِ الأحلام الإنسانية، بل هو فعلٌ إنسانيٌّ، مفعَمٌ بطاقة الحياة، ومعادلٌ جمالىٌّ لواقعٍ نرفضُ تشوُّهاتِهِ، واستسلامَهُ الْمُهين لقوى الشرِّ والعدوان. وهو فوق ذلك، طريقةٌ لفَهم ذواتِنا وكشفِ غموضِ الآخَرِ، وزَيْفِ أساليبِ التفكيرِ النُّخْبَوىِّ الذى يقسِّم العالمَ بين سادةٍ وعبيدٍ، وحكّامٍ ومحكومين، وأقوياءَ وضعفاء. هكذا، قاومت شهرزاد (صوتُ الحياة الخفيض) نزقَ السلطةِ وغطرسةَ القوة وفحولةَ الشهوة للدماء. وأضاف قائلا : الآن، ونحن نَشهدُ عالَماً يُنتج أدواتٍ جديدةً للتعبير عن رغبته فى حياة أفضل، فإن السردَ يأخذُ طوابعَ وطُرُقاً غيرَ مسبوقة، وغير تلك التى عرفناها فى التاريخ والأسطورة والخطاب الدينىّ وميتافيزيقا العقلِ العلمىِّ، تلك التى كانت تمثّلُ السردياتِ الكبرى. ها هو الإنسانُ الجديدُ، يعرفُ كيف ينتجُ السردَ بنفسِهِ بعيداً عن القوى الكُليةِ والكياناتِ الكبرَى، ليعبِّرَ، للمرّةِ الأولى، عمّا يريدُه هو من تلك القوى، وليس ما تريدُه تلك القوى من الإنسانِ، وهو بحسب مقولةِ بول ريكوار: "حراكٌ يضع الأدبَ فى خدمةِ الوجودِ بدلاً من أن يضعَ الوجودَ فى خدمةِ الأدب". وناشد أمين عام المؤتمر الفنان فاروق حسنى وزيرِ الثقافة، أن يحرِّر هذا المؤتمرَ من تلك العثراتِ ويجنِّبَ أدباءَ مصرَ هذه المعاناةَ السنويةَ، بأن تُخصَّصَ ميزانيةٌ مناسبةٌ لتغطيةِ كلِّ تكاليف المؤتمرِ. والأدباءُ ـ على أية حال ـ كائناتٌ قنوعةٌ، كلٌّ ما يحمِلون فى حقائبِهِم، ورقةٌ وقلم. أما الروائي الكبير خير شلبي رئيس المؤتمر فأعلن عن قيام دولة السرد الروائي قائلا : إن الحديقة الروائية أينعت، وبسقت، وأنجبت كل هذا العمران الروائي المصري والعربي المبهر حقاً، الذي انجذب إليه الشعراء والرؤساء والأمراء، وكأن الرواية قد أصبحت بالفعل –كما وصفها أحد الدارسين- ديون العرب. وتحدث شلبي عن تجربته قائلا : أزعم أن تجربتي في السرد طويلة وحافلة بالمغامرات. على أن تجاربي في السرد لم تكن لمجرد الانعتاق من أسر الأدب ذي اللغة المصقولة التي لا تعكس إلا ظلال كاتبها نظراً لخلو جوفها من الرحيق الإنساني.. إنما كانت تجاربي السردية العديدة في تجارب حياة عشتها وعايشتها محتدمة في محيط حياتي؛ أخذت وقتها في النمو بداخلي حتى نضحت، فكلما أقبلت على كتابتها من خانتني وهربت، لتصير كالمعادن في جوف الأرض حيث تفور وتمور في زلزلة تبحث عن منطقة رخوة تخترقها لتخرج. أرى شخصياتها في الحرفة تتمرد على أخيلتي السقيمة، ترفض لغتي العتيقة المعلبة.. فكيف لشخصيات من الأنفار والمشردين أن يدخلوا في الأنفاق اللغوية التي لا تؤدي إلا إلى الكذب والافتراء على والإفتئات على حقائق التاريخ. ولكن الذي خدمني حقاً وأعانني على اقتحام هذا التنوع، هو التحامي الوجداني المبكر بالسير والملاحم الشعبية، وبدراسة الفولكلور الشفاهي والمدون، الذي كان له أكبر الأثر في مساعدتي على الفهم الصحيح والدقيق للشخصية المصرية من خلال مكوناتها الوجدانية الماثلة في الفولكلور، بجميع أجناسه الفنية. غير أن ذلك كله لم يكن ليفيد بدون هذه التجربة الحياتية المروعة التي عشتها متقلباً بين الحرف والمهن: من عامل ترحيله إلى بائع سريح إلى ترزي إلى مكوجي إلى بائع في محل، إلى كاتب أنفار، وكاتب محامي، ومدون حسابات في مخبز، وما بين جراج للسيارات في مدينة المنصورة، ناهيك عن فترات تدريب وتجريب في مصانع وفابريقات عديدة في الإسكندرية.. إلخ إلخ. وإلى يومنا هذا لا أزال أقدس العمل اليدوي، وحتى وقت قريب جداً كنت أتوق إلى الجلوس إلى ماكينة الخياطة في ضوء الكلوب ووشيشه المؤنس في دكان المعلم فرحات البربري في بلدتنا خلال شهر رمضان. وفي مكتبي وفي مطبخي أحتفظ بأدوات وعدد غريبة جداً: شواكيش ومفكات وزرديات ومسامير، وإبر خياطة وبكرات خيط وكستبان وحفنة أزرار.. إلخ إلخ. وفي الختام كان التكريم لنخبة من أدباء مصر ونقادها ممن أثروا الإبداع في مصر : د.محمود الربيعي ، خيري شلبي ، مأمون الحجاجي ، إسماعيل عقاب ، سحر الموجي ، الراحلان الروائي خيري عبد الجواد والشاعر محمد الحسيني .

 



رجوع للصحفة الرئيسية   |  الذهاب لأرشيف الأخبار  

الصفحة ارئيسية   أرشيف الأخبار   اشترك في القائمة البريدية   دفـتر الـــزوار
الــدورة الحـالية   خريطة الموقع   اجـعلنا صفحـتك الرئيســية   وسائل الاتصال
هذا الموقع من تصميم وتطوير مركز التصميم الجرافيكي
جميع الحقوق محفوظة للهيئة العامة لقصور الثقافة - مصر