من أبحاث مؤتمر اليوم الواحد لمدينة ديرب نجم بمحافظة الشرقية يوم الأربعاء 28 إبريل

(تجليات النفس بين السطوع والأفول) قراءة قى روايات ( صلاح والى ومحمد عبدالله الهادى وأحمد محمد عبده)

بقلم العربى عبدالوهاب

يرى المبدع واقعه من خلال ذاته ، وما الأحداث والشخصيات إلا انعكاسات وظلال لرؤية النفس للعالم ، والواقع الذى يمور بالتحولات ، وهو غيرالوقائع بوصفها تاريخا ؛ وتتحدد مكانة النص الأدبى بقدر ما يحمله من خلاصة للتجربة الإنسانية فى دلالاتها الغائرة والمستترة ومدى تفاعلها مع المعطيات الراهنة

والمبدع لفرط حساسيته أو إحساسه بأنه مخول لحمل رسالة ، يرى من الضرورة أن يشارك فى التغيير ، بإبداعه ، يحلل ويستقرأ و يسعى نحو واقع أكثر جمالا ؛ هنا يتسع محيط الذات المبدعة لتجمع بداخلها ذواتا أخرى ، وحيوات لشخصيات عدة ؛ يرغب المبدع فى التعبير عنها بوصفه رسولا ، على حد تعبير "يونج" يصل الأمر لدى بعض المبدعين إلى حد أنه يعد نفسه رسول مهمة اختير لها. والمبدع يجد نفسه باستمرار بعيداً عن العيش بسعادة ، لأنه أداة الحياة النفسية اللاواعية للإنسانية القائم على تشكيلها حيث هي وظيفته. وهذا ما يجعله يشعر بصورة دائمة تقريباً بأنه يرفع فوق كتفيه وفي عقله حملاً ثقيلاً جداً يحتم عليه التضحية بالسعادة،

وأحمد محمد عبده فى روايته مكاشفات البحر الميت جعل من شخصيته المحورية ، رسولا محملا برسالة ما ، غايتها تعرية واقع قومه والكشف عن العوامل التى أدت حالة الخصاء الذى يلاحق رجال البلدة ؛ كما وضح المبدع الراصد لامتهان الإنسان فى بلاد النفط فى رواية عصا أبنوس ذات مقبض ذهبى ، مرارة شديدة تجعل القارئ يرفض ويناقش ، ويأمل فى واقع أكثر احتراما للإنسان .

أما الجد فى رواية صلاح والى فانه يحفر بقوة فى الطبقات الثقافية ، والتاريخية مجسدا حالة من تشرذم الوعى وانفلاته ؛ يهز الوعى الشعبى جاذبا خيوطه العجائبية قبيل أفولها الأخير برحيل الجد .. ويتجلى عنوان الرواية كجملة دالة على وداع عالم القرية الجميل .

رواية ( السلام عليكم ) لصلاح والى

رواية السلام عليكم ( 1 ) تحفر بقوة فى الذاكرة ، تناقش وعيا سائدا ، تسلطت لغته اليومية، وتعرت مفاهيمه ؛ تطرح الرواية معانٍ أخرى لازدواج الأبعاد الدلالية للغة ، وتعمل فى تجديد دماء تقنيات الكتابة الروائية ، بمهارة وقدرات شاعر روائى يمتلك ذخيرة من الخبرات الكبيرة ، تساعده على كشف خفايا وأبعاد متعددة لدلالات اللغة العربية بثرائها المثير،

عنوان الرواية )السلام عليكم ) يمثل أيقونة دلالية عميقة مفجرة لدلالة الرواية ، هى جملة تعنى بدء الكلام ، وتعنى أيضا منتهاه ، وتمثل هذه الجملة قوسين كبيرين هما : أولا بها تبدأ ، وبها تنتهى ؛ ثانيا : حين تنضاف هذه الرواية لعالم الكاتب الأثير ؛ قرية " السكاكرة " تعكس دلالة أخرى ترمى لاكتمال القوس ، أو اكتمال العالم الأسطورى الذى شكل من خلاله بلدته منذ نقيق الضدع وعائشة الخياطة مرورا بكائنات هشة لليل ، والكائنات التى ، والعم حفنى ، وكلام الماء كلام النهار )

لعل الجمع بين العالم الأسطورى بتكويناته وأنماطه السردية ؛ يظل مفارقا إلى حد بعيد مع زمنية الراهن والمعاصر / الحاضر ، و هذه الرواية تحديدا تجرب ـ على مستوى اللغة ـ فى منطقة بينية ، صحيح أنها تستكمل تجربة الروائى عن عالمه الأثير ( قرية السكاكرة ) حيث تتبدى الشخوص والأحداث والزمن والحيز المكانى للقرية فى منظومة كلية متناغمة أقرب للأسطورة ؛ إلا أنها ليست أسطورية خالصة كما فى عائشة الخياطة وروايات الكاتب السابقة عليها ، لأن الحاضر يمْثـُل بظلاله محركا للسرد فى الرواية .

تنهض الرواية على شخصيتين أساسيتين هما ( الجد و الحفيد / الدكتور مصطفى ) ونلحظ أن الحفيد صاحب اسم ووظيفة بينما الجد هو الجد فقط ، منطلقا فى فضاء اللاتسمية ، فضاء الرمز الدلالى .

الجد هو المتن / المحتوى السردى والحفيد هو الهامش والمحفز للسرد ، الجد مزيج فريد من التجارب والسيرة الذتية التى تجاوزت الثمانين عاما ، حياته حافلة بالخبرات والحكايات ، والمتعة ، والمعاناة والحفيد هو البعد الرمزى للحاضر بعاديته ، وإن كان الجد يعده لاستكمال مسيرة التدوين ؛

توزعت حياة الجد بين مكانين هما السكاكرة والأردن حيث سافر مزارعا يحمل بذور التفاح والنخيل ، وعاد وحيدا أيضا، مخلفا وراءه عائلة ، وأقارب تزوره فى الأفراح والمآتم ، يتبدى الجد كوطن عربى ممتد باتساع الخارطة العربية ، يسيح عبر أزمنة فسيحة ، مراقبا تحورات المكان واندثاره ، محاولا القبض على عوالم أسطورية آخذة فى التلاشى والتماهى والضياع ، يتساءل محاورا شلبية ( إحدى الشخوص الأسطورية فى روايات صلاح والى )

) ـ وحفنى وعثمان وعائشة ؟

ـ الشيئ لزوم الشيئ

ـ كيف ؟؟

ـ لضبط ميزان ظهور الئاب وخلال الأشياء التى تخرج عن مداراتها ، ليسوا فقط ، فكل سلالات الطوافين

لازمة ، وهى عمل كل لحظة

ـ وأنا ؟

ـ ما لك ؟؟

ـ تعبت من التجوال والانتقال

ـ تريد أن تستريح ؟

ليس بالضبط لكنى فزعت وعندما سألنى حفيدى لماذا أتيت الى هنا ؟ ألم تكن هناك بلاد أخرى لتذهب اليها ؟ هل قال لتخفيف السؤال .. لماذا اخترت الأردن والمحروسة ) الرواية صـ 143

ما بين الأردن والمحروسة تتسع المسافة بالجد ، لكن روابط القربى تشدهم ، نفس صور المحن والمتاعب تشكل ملامحهم وتجرهم نحو الهاوية ، بعدما شاهت معالم المكان هنا، ووقع المكان هناك فى دوائر النهب والاستلاب ، تكاثرت الذئاب حول السكاكرة ، وانتشرت كى تنقص على الحياة بها .

يتبادل الجد والحفيد دوريها مسحورين باللفائف القديمة التى دونها المدونون ، يقول : أقرأ فى كتب المدونين ، مان المدون يخرج حاملا لفائفه ويمر على البلاد ، يدون العادات والتقاليد والسلالات والاعانى والحكايات والزرع والحيوانات والطيور والوحوش والأسماك والشمس والمطر والبحار ) الرواية صـ 145

هل هذا الشغف باللفائف والتدوين هو الذاكرة التى تتأبى على المحو ؟؟

أم هو السر الذى يبقى به الروائى مشغولا بتشكيل عالمه ، سابحا فى حكاياته وعاداته وتقلبات الزمن ، قارئا ومحللا كابن خلدون والجبرتى ، وابن بطوطة والرحالة القدماء ، هؤلاء الذين تركوا تاريخا وعلم اجتماع ، وحكايات ، ذاكرة شعوب تولى زمانها ، كالجـد تماما ،

تتماهى الملامح والصور والغايات بين الحفيد والجد ويتبادلون الأدوار فى الحياة والسرد ، بما يعكس الاستمرار والاتصال بلا انقطاع ، هى الرواية الحياة فى توترها واندياحها كسريان الماء فى النهر .

وهناك قول قائل بأنّ الأساطير جميعها فعّالية مجازية ورمزية، وتتضمّن في داخلها الحقائق التاريخية، أو الأدبية، أو الدينية، أو الفلسفية، ولكن على شكل رموز، تمّ استيعابها بمرور الزمن على أساس ظاهرها الحرفي ( 2 )

ينتمى الجد ـ أسطوريا ـ لطائفة الشخصيات ( الممتزجين ) ـ حسب تصنيف د . كارم عزيز فى دراسته عن رواية عائشة الخياطة )

لم يمتلك الجد قدرات خاصة كالعم حفنى ، وعثمان النجار ، وإن امتلك تفاصيل حياة مكتنزة وثرية وكما من المتاعب والآلام لا يعد ، يتبقى التساؤل قائما ودافعا للجد وللحفيد سعيا وراء أسرار الشخوص التى تمتلك قدرات خاصة كإبراهيم ابن سليمان الحداد ، والعم حفنى ، وعثمان النجار ومن النساء وهن كثيرات ، فى عوالم الكاتب منهن من ذكرن فى هذه الرواية مثل ( عائشة الخياطة ، وشلبية ، والعمة صالحة ، وخديجة ) وكان الدكتور كارم عزيز قد رد فى دارسته عن كثرة العنصر النسوى فى روايات "صلاح والى" إلى [الأنيما] وعن سطوة الأنثى ، و حضورها متجلية فى هذه الرواية ، كما فى رواية عائشة الخياطة ، يستكمل الدكتور كارم عن الأنثى ( تتمثل فى فاعلية وكثافة الحضور الأنثوى وسطوته ، فى مقابل هشاشة وهامشية الحضور الذكورى وبخاصة على مستوى الأدوار ، فالحضور وفاعلية الأداء ـ الفعلى والكلامى ـ والسطوة والتحكم فى خيوطه كل هذا أنثوى ، ويستمر متسائلا

إذن ماذا يعنى هذا التكريس للأنثوى ؟؛ وتأتى الإجابة على مستويين : الأول الوعى فى احتمالية إشارة الكاتب عن قصد ووعى إلى المرحلة الحضارية المشهورة [ المجتمعات الأمومية ]

المستوى الثانى : هو سيطرة الأنيما أو الأنثى الداخلية التى تظهر عادة للفرد على شكل الحلم بينما تظهر عند الجماعة على شكل الأسطورة ، بما يعنى أنه اذا كانت الأسطورة قد تراجعت فى حياة الشعوب مقابل الحضارة الحديثة ، فإن الأنيما / الأنثى الداخلية / الحلم لم تزل بسطوة حضورها لدى الفرد ( 3 )

الشخصيات الأسطورية عند صلاح والى تمتد بحضورها فى أغوار الأزمنة السحيقة كالأسطورة فى حياة الشعوب ، شخوص تمتلك مفاتيح الأسرار ، وتتسم بالقدرات الخارقة ، ولها مراتب ودرجات فيما بينها ، لا تتجاوزها ، كل واحد يعلم قدرات غيره ، ويقدرها .

لذلك يطارد الجد منذ البداية ( العم حفنى وعثمان ) ويلاحقهما بالسؤال بغية الوصول لأسرار عالم السكاكرة مضيفا على ثراء عالمهم تفاصيل حياته وسيرته ، ورؤاه وشجنه المحسوس إزاء تقلب أحوال عائلته بالأردن وفلسطين ، كأنه الحلم العربى المتلاشى مع زمن الأسطورة حال هيمنة آليات الحضارة التى تقتلع السكاكرة وتصنع بدلا منها بيوتا حجرية ، ومدنية ساحقة ، ترقد بباطنها القرية القديمة ساحبة تفاصيل وحياة الجد وآخر لحظات عمره الثمانين حين يصعد ملقيا التحية ( السلام عليكم ) وهو على سلم الرحيل نحو السماء .

رواية (عصا أبنوس) لمحمد عبدالله الهادى

تتعرض رواية " عصا أبنوس ذات مقبض ذهبي" (2) .. لمفهوم خلخلة بنية المجتمع التي أصابت مدن وقرى ونجوع مصر ، وذلك بسفر العمالة المصرة إلى الدول النفطية في حقبة السبعينات وما نتج عنه من تحولات ضربت أعماق البنية الاجتماعية بكثير من الخلل ، من هنا تتشكل أزمة إبراهيم العثماني إثر إفاقته على فاجعة ـ في بدء الرواية ـ ذات غروب .. وتنتهي عند عودته إلى قريته على فاجعة أخرى لا تقل درامية .. وتمثل الفاجعتان أفقا دلاليا يوقع بإبراهيم العثماني / الشخصية المحورية في الرواية بين عالمين كلاهما تأثر بالآخر ، وإن كان عالم الخارج / بلاد النفط .. الأشد تأثيرا وفتكا بعالم القرية .

وإذا كان فعل الخوزقة ـ الوحشي ـ الذي تعرض له آدم الشامي وأودى بحياته قد أفقد إبراهيم توازنه ، وجسد رؤية الخارج في إطار كابوسي نتج عنه سطوة عصا الشيخ الأبنوسية ، وهى تخترق دبر آدم الشامي ودفع بالبطل إلى العودة هارباً من مصير متخيل . إن هذا المشهد ، ليس مجرد تكأة أو حيلة افتتاحية بقدر ما يتم توظيفه واسترجاعه ليصبح مشهدا مركزيا مشعاً ، تتمحور حوله الرواية ، وليخلق علاقة جدلية بين واقعين كلاهما طارد ، " إن أزمة أبطال محمد عبدالله الهادي تكمن في وقوعهم بين الرحى ، واقع طارد لا يرحم ، وواقع مهاجر إليه آخر هو الجحيم بعينه ، وبين الواقعين تنهار كثير من القيم والمعاني ، إنهم إذن يتحركون بفعل الضرورة الاجتماعية شأنهم شأن أبطال الرواية البرجوازية الحديثة "(3)

البناء الفنى

تعتمد الرواية في بنائها على خلق مفارقة بين واقعين ـ كما أسلفنا ـ الواقع الخارجي/ إحدى البلاد النفطية ، وتتكشف فيه أسطورة النفط التي زرعت وسط تيه الصحراء قصورا وثكنات عصرية ، تدار بعقلية لم تزل تعيش بمفهوم السادة والعبيد .. وفعل الخوزقة وتكراره يؤسس لدالة القهر والاستباحة من الواقع الخارجي للعمال ، وينتهي بالخوزقة ؛ لتبدأ الرواية من هذه النهاية / القتل المفجع / الكابوسي وغير العادل لآدم الشامي ، ثم يقوم الراوي باسترجاع الواقع الأول / عالم القرية .. تفاصيل حياة البطل.

ليتتابع السرد معتمدا على تقنية الاسترجاع مع رصد المواقف الدالة و من ثم تتشابك العلاقات بين شخوص الرواية وتتعالق ملامح القرية التي كانت آمنة قبيل ظهور المارد النفطي ـ حسب تعبير الرواية ـ بملامح المكان الثاني، ومن هنا تتولد الحبكة الروائية ، فإبراهيم العثماني / المحاسب بالجمعية الزراعية ، لم يتمكن من استيعاب التحولات ، أو بتعبير أدق لم يتمكن من احتمال نظرات الأسى بسبب تهاوى مستواه الاقتصادي أمام العائدين محملين بالأموال وهم دونه في المستوى التعليمي هذه الطبقة الجديدة بما أحدثته من تحولات عمرانية واقتصادية لجزيرة أبو مطاوع أطاحت بالتالي بالطبقة المتوسطة .

" المقولة الصحيحة التي سادت ثورة يوليو أيام عبد الناصر أن العلم يبنى بيوتا لا عماد لها ، ظلت صحيحة لسنوات طوال دفعت الناس لتعليم أبنائهم " . ص58

ويكمل الراوي:

" لم يعد التعليم الآن ، هو سيد الساحة تراجعت المقولة الصحيحة ، واهتزت أركانها عندما خرج الغول الرهيب من القمقم الأرضي منافسا وقادرا، ينفث من فمه النار والدخان والذهب الأسود من جوف حقول الصحارى ، خرج ناشرا جناحيه العملاقين مداعبا كل الأحلام ، وموقظا كل الأطماع : شبيك.. لبيك ...عبدك بين إيديك ".ص58

اصطدم البطل ببشاعة الخارج ، وتفتحت عيناه على تساقط القيم والأعراف تحت وطأة ( الغول النفطي) الذي يمثل المحرك الخفي للأحداث ، وتتنوع حوله الشخصيات ، بين مالكه ومملوكه ، ومن ثم تتشكل البنية السردية للرواية ، فنرى انقسام الواقع في القرية ، كل إخوة إبراهيم يسافرون من بعده ويتركون المهن التي أتقونها ، ومنهم الفلاح ، والسائق ومصلح المسجلات . جميعهم أصابتهم لعنة البحث عن الذات في واقع يستعبدهم ويبعث في قلوبهم الانكسار والضياع ، كما حدث لإبراهيم / شقيق البطل ، وانقطعت أخباره في العراق ، في إشارة ضمنية ربما لتجنيده عنوة ، وفى دلالة فنية أن سقوط الأشخاص تحت وطأة الأوضاع المتردية في الخارج التي هي أكثر عنفا مما يدين بالتالي ظروفهم المعيشية التي تطرح علامات استفهام جميعها تشير بأصابع الإدانة لمرحلة الانفتاح .. فأسرة إبراهيم هي اللبنة المختارة لتجسيد علاقة الصراع الإنساني من أجل حياة أفضل .

توزعت الشخوص بين بسطاء تسوقهم ظروفهم وأحلامهم للسفرـ أو تستلبهم غواية السفر كما حدث " لعطية" الذي زغلل عينيه ذهب النفط ، فترك عروسه وسافر وتولد عن غيابه أن حملت (آمال ) سفاحا ، وانتهت الرواية بأن قتلها أخوها ، أو شخوص تتسم بالصلف والسادية وتتحقق في الشيخ وعصابته الأبنوسية .

الرواية استحالت إلى لوحة تجريدية يغلفها القهر ، قهر يحاصر الأحلام والأرواح وينتهك حرمة الأجساد ، يعلقها من عراقيبها في فضاء خانق ، أما الألوان الفاتحة / النهارية لا تتكشف إلا عند سفح اللوحة ، قبل أن يطأها المارد الرهيب والأحداث تتكثف داخل البنية السردية لصالح التعبير عن هذين الواقعين مع الدفع بالمواقف الدالة على المفارقة.

كما يختلف الإيقاع السردي عند الحديث عن عالم البطل في القرية أو مدينة فاقوس في أثناء عملية الاسترجاع الداخلي الذي يعتمد الكاتب عليه لإحياء ماضي الشخصية ، والماضي يتميز أيضا بمستويات مختلفة ، متفاوتة بين ماضي قريب وآخر قريب ، وبين المشهد المركزي / الخوزقة والمشاهد الهادئة قبل التوجه للسفر .. والراوى يقوم بالمزج بينهما ؛ مما يساعد على توليد الدلالات ، بتأكيد المفارقة بين واقعين ناحية ومن ناحية أخرى كي يتحول الإيقاع الهاديء عن الماضي إلى إيقاع سريع و سرد بصري ، متوتر يستوعب أزمة البطل ويوضح مدى القسوة والامتهان ، وتلك سمة تعتمد أكثر في البنية القصصية القصيرة ، المعنية بتوحيد الأثر الفني وتضخيم البؤرة السردية (الواحدة ) بغية الوصول إلى الانفراجة النصية في النهاية

ومن ثم تتشكل الرؤية الكلية للنص ، فالتوتر المنبعث من تفاعل المشاهد مع المشهد المركزي الذي يحضر إلى السرد متلاحقا سريعا ويعبر بدرامية تجعل من المشهد البصري ، شديد الثراء والتأثير ويعكس عدة أقنعة تتحقق عبر النظر من زوايا مختلفة ، فيخلق المشهد جدلا رمزيا مع التاريخ باستدعاء خوزقة الفرنسيس لسليمان الحلبي / المعادل الموضوعي لآدم الشامي / المعاصر . وإذا كان الحفيد هو الذي يلحظ تلك العلاقة عندما يقوم بتفسير المشهد لجدته ، فوعى الجدة الجاهل بالتاريخ أو المتجاهل له ؛ غير مشغول سوى بالمحافظة وضع الشيخ وأملاكه . ثمة تسلط مستقر في وعى الجدة يتضافر مع أفعال الشيخ وسكره وعربدته مع الجواري والحريم في قصوره الأسطورية . وتكرار المشهد كان دوما للإضافة ، حيث لا نتعرف على مبررات فعل الخوزقة إلا في نهاية الرواية مع آخر حضور للمشهد في بنية السرد ، ويتم بالتالي تفريغ المسمى الزائف لمؤسسات الأمانة من محتواها ؛ لنكتشف بأن الشيخ يكلف آدم الشامي بتسجيل أرض ليست ملكا ، وتأخر آدم المتعمد في توثيق الأرض لمصلحة الشيخ يعرضه للخوزقه ، ويجعل منه بطلا؛ إذ هو برفضه المساهمة في الظلم يستعيد إنسانيته وقتل آدم الشامي بالعصا الأبنوسية ، بسبب انحرافه عن الدور المكلف به ، يخرجه كترس من التروس التي تعمل في المؤسسة ويجعل منه رمزا للعمال ، والشيخ يخاف على مملكته القائمة القمع والقهر لرعاياه .

وإذا كان العمل الفني هو في الأساس بنية تعبيرية مجازية دالة عن واقع موضوعي خارجه ، فإن الرواية بذلك تهمش مفهوم الزمن الحقيقي (السبعينيات) لصالح الزمن الفني أو الزمن السردي وتطلق النص إلى فضاء أوسع على المستويين الزماني والمكاني ، بالإضافة إلى توظيف مجموعة من التقنيات التي تؤسس لعدة علامات سميولوجية ، مثل : إفتتاح فصول الرواة بالحافلة القديمة والسائق عبد البديع ، وكأن رحلة العودة لإبراهيم العثماني رحلة أبدية لا تنتهي ما دام السفر لا يتوقف ، وتدنى الأوضاع الاقتصادية قائم، وانتخاب مشهد الخوزقة واسترجاعه أكثر من مرة بوسائل المونتاج السينمائي كان له دلالته في تبئير السرد لتكثيف زوايا الرؤية ، وذلك لإنتاج الدلالات الفرعية التي من شأنها تضفير الأحداث لتوحيد الخيوط الدلالية ؛ لا فالراوي العليم في الرواية فضل الحضور عن البطل ، وتركه نائما ، وتولى عنه السرد، ثم الحافلة المتهالكة والسائق الخبير بالطريق لم يكونا أكثر من علامتين دالتين على خط سير الحياة ومصيرها معا في الريف .

عصا أبنوس رواية تمكنت بحرفية كاتبها من التركيز على جوهر التحولات الحادثة في القرية بفعل السفر والرغبات الجامحة والأحزان القارة في الشخوص، تمكنت من معالجة فكرة السفر بكتابة واقعية عبرت عن مأزق الإنسان المعاصر في سعيه الدءوب نحو حياة أضل .

رواية : مكاشفات البحر الميت لأحمد محمد عبده

يقول المتنبى ( على قلق كأن الريح تحتى ) ؟

وهل هناك أعتى من عاصفة الخصى ، التى تقتلع ذكورة الرجال فى رواية أحمد عبده . مكاشفات البحر الميت (4) ان إنسان الرواية القادم من أزمنة الحكايات الشعبية ، العطار ، المسمى بابن حتحوت ، يتواصل مع الله ومع نفسه ، فى حالة توحد صوفى ، ارتقى اليها عبر مراتب ودرجات أهل الطريقة رشحته للقيام بالرحلة يقول فى بدأ الرواية طارحا البعد الصوفى للشخصية " تلاوة الليل باب الى الفهم ، والفهم باب الى المغفرة........

ولما أحجم القطب عن الاستطراد .. أكملت قائلا :

والمغفرة باب الى القبول ، والقبول باب الى الوصول ، والوصول باب الى الحصول ، والحصول باب الى المعاينة ، والعاينة باب الى اليقين ، واليقين باب الى البرهان " صـ11

يشاهد ، أحوال قومه ، كأنه نبى، وما هو بنبى ، يتهم بهتانا فى نسائهم ، ويتم ربطه الى جذع ربع قرن من الزمان ، ثم يتم تحديد اقامته لا يخرج الا لدكان العطارة وبيته والخلوة ، لا يتوقف عن التسبيح والتقرب الى الله أن يفك كرب قومه ، حتى يأتيه الهاتف ، ويبشره برحلة الى الملكوت ، يجلب خلالها العلاج الذى هو عبارة عن وصفة شعبية ، للخلاص من أمراض الخصى التى تجتاح القوم .

وتتم الرحلة عبر فصول سبع أسماها الكاتب :

المنقلب الأول

عاينت النفس .. وشاهدت الخلقوت

المنقلب الثانى الدوبلير

المنقلب الثالث وقائع الخصى

المنقلب الرابع مشاهدات النفق الأخضر

المنقلب الخامس رحلة على ماء الشمس

المنقلب السادس البراهين

المنقلب السابع فى انتظار لمح

المنقلب/ التحول من حال الى حال و التبدل كان ملائما للتحولات تماما ............

هذا هو الخط المستتر الذى أقيم على هداه البناء الفنى للرواية

رحلة تسير على خطى ونهج (الاسراء والمعراج ) تحفل بالمتاعب والمشاهدات ، يتبع البطل الهاتف العلوى الذى يعده ويجهزه لرحلة الى عالم الملكوت ، رحلة ليست الى السماوات العلى بل هى الى الأراضين السبع ، يجوب خلالها الأنهار والبحار والمحيطات على ظهر حوت ، يصحبه تحت الماء رجل يدعى "جناح" ، باحثا عن حوت أعور كى يتحصل على مسحوق من قرنه ، وزيت كبده ليعيد للرجال فحولتهم ،

نتقلب مع الراوى خلال هذه الرحلة عبر سبع منقلبات هى عدد فصول الرواية السبع التى تنتهى للبراهين .

ليس النص تقليدا لخطوات رحلة الاسراء والمعراج ، بل هو انحراف كلى فى بناء وتشكيل الأبعاد الدلالية ، ثمة نقاط أو آثار على الدرب تشعرنا بأن الرواية تسير على هدى الإسراء والمعراج بيد أن ذلك المسير ما ان يلتمع سرعان ما يحول الكاتب شعلته نحو العوامل الأرضية الانسانية لقومه لتنفتح طاقات وأبعاد أخرى من العناصر الدالة يقول فى المنقلب الأول عاينت النفس .. وشاهدت الخلقوت "أفقت .. عدت إلى ذاتى ، تفتحت أساريرى ، وكما أنهما لم يكملا انتزاع روحى ، أو هما رجعا فى كلامهما وأجلا قبض الروح ، فقد يكون فى العمر بقية ، أو أن هناك زوائد وأشواك داخل ملمس وعائى وأحشائى عطلت انسلاخ الروح ، أو أن روحى تتشبث بها ، أو أنهما كانا يضعان طعم الموت على لسانى واكتفيا بذلك" صـ25 .. تلك الرؤى المتولدة فى وعى الشخصية ابن حتحوت أثناء الصلاة ، تحمل الرغبة فى الانعتاق من حيز الخلوة نحو الملكوت ، وأيضا تشى بتشبثه بالحياة سعيا نحو المكاشفة

أية مكاشفة وأى حال آل اليه مصير الناس فى واقع تتآكل فيه الذكورة ، فى مقابل أنوثة عارمة تفح بها الأرض والحياة ،

تتنوع المصادر المشكلة للعالم الروائى عند أحمد عبده

يعتمد الكاتب على الرؤى والأحلام والكوابيس لاختراق العالم الغيبى وطرح تفسيرات قارة فى الوعى أو كاشفة لمستقبل الأحداث

ثمة رؤيا فى البدء تتنزل على مسامع بطل الرواية ، على هيئة هاتف شأنه كمتصوف شأن الأنبياء ،

"يا ابن حتحوت ..حوت .. حوت .. حوت

أنت مسافر الى الملكوت .. كوت .. كوت .. كوت

زادك الهم ومطيتك ظهر حوت .. حوت .. حوت "صـ12

والأداء الشعرى الذى اعتمد على التقفية فى سماع الرؤية ، والحروف الباقية فى الأذن كأنها أصداء للصوت ، يكشف بعدا هاما ، وهو أن التجربة أو الرحلة هى مجاز أقرب للشعر ، يعتمد الكاتب خلالها على تجلى الحالة ، واستقراء الشعور ،

وما الهاتف الا أمر واجب الحدوث ، يستدعى الاستعداد ، لذلك فهو يحضر البقدونس لأنه رأى نفسه فى الحلم يأكله ،

وإذا كان سيدنا محمد ( ص ) صعد الى السموات العلى ، فى رحلة الاسراء والمعراج ، فالراوى سوف يهبط الى الأراضين السبع بحثا عن دواء

تتوحد ملامح الرحلة بينما تختلف الوجهة ، القوم عمهم البوار ، وتدلت شعور فتيانهم كالبنات ، تبدلت ملامحهم ،

قراءة وتحليل تلك الملامح التى شاهت ، وتبدلت ووصلت الى حال مزرية تعد رصدا مقبولا من وجهة نظر ابن حتحوت

ويقول فى نفس الفصل

"ثم نودى من الجانب الأيسر ، تذكرت رؤيتى للفحل الأبيض ، كان أبى حتحوت الأكبر ـ قد قطع حديثه فجأة ـ مرة أخرى وقال بأن رؤية الفحل الأبيض فى المنام تعنى أنك سوف ترقى الى مراتب عليا ؛" صـ14

حضور الأب "حتحوت الأكبر " كثيرا فى الرواية يوجه السرد لاستعادة الجذور والأصول ومن ثم الزمان الماضى بعنفوانه وبطولاته ورحيقه الخاص ويعنى بالتبعية رفض ومواجهة حالة التخاذل والخصاء التى عمت رجالات البلدة .

الوصفات الشعبية أيضا من مصادر التشكيل الجمالى للنص ، حيث تعتمد النسوة على ( العملات) فى محاولة لاستعادة الفحولة لذكورهن .

هذا المناخ المحيط أو المشكل للوعى هو ذاته ما يعطى مبررا للبطل ابن حتحوت ليسلك ذات الدرب ـ بوصفه عطارا ـ كسعى منفرد رافض لخرافة العملات والأحاجى لكنه يسعى على هدى الرؤيا والرحلة التى كُلف بها من أجل قومه

على الرغم من متاعبه مع قومه ، ومقدار ما عاناه من ظلم واتهام من قِبلهم إلا أنه يعفو ويصفح ويسعى لحل أزمتهم ،

إذن شخصية ابن حتحوت هى نتاج طبيعى للرجال الذن يحولون مسار التاريخ ، المحملين برسالة التنوير ،

هذه الخرافة المتمثلة فى العملات والوصفات ، وأيضا قناعات ابن حتحوت بمأثورات الأب ( حتحوت الأكبر ) تعكس محاولات المخيلة الشعبية على مر العصور منذ الانسان الأول الذى كان يحول تفسير الأمور الغامضة فى واقعه ، الأمور التى تستعصى على فهمه ، بالتخمينات والرموز والرسوم البدائية

يقول الراوى " وإن الناس ليستعيضون عن عجزهم فى تفسير الألغاز والظواهر الغربية بكثرة الفتاوى والتخمينات ، فإن كان اللغز من نوع لأطباق الطائرة مثلا ، فبكثرة التدخين ، وأكل الباذنجان ، واذا كان اللغز يتعلق بمصير دولة / أمة / شعب ـ فبكثرة تعاطى الجنس والمخدرات ، ( طبعا مسألة الجنس .. يستثنى منها رجالنا ) فهم يستعيضون عن هذه بطرقعة اللبان والمستكة . " صـ34

الرحلة فى الرواية هى المنأى والخلاص ، الرغبة فى الانعتاق من أسر المكان الذى استنفذ معظم صلاحياته ـ هنا ـ كمكان صالح للحياة ،

يقدم فى المنقلب الثانى الدوبلير

والمنقلب الثالث وقائع الخصى

، بانوراما لحدة التحولات التى جرت فى تركيب الشخصية فى بلدته ، وصعوبة أن يوفر دوبليرا يقوم بدوره ، ليأمن شائعات قومه الذين حددوا اقامته

أما فى وقائع الخصى ، نجد مواطن الألم ، ومشاهد خواء وبوار القوم بعدما تزينت لأرض وفحت بأنوثة طاغية فى ظل رجال مخصيين يشاهدون الفحولة فى كلابهم ، ومع عبثية المشهد نرى مزاوجة رمزية دالة تجمع بين الكلاب والقطط ، كما تتعارض الأراء حوال تذويب الفوارق والطبقات بين الكلاب البلدية والأخرى الرامزة لمستويات ومدلولات دولية وسياسية ، تدفع بالدلالة المركزية بالرواية نحو التكشف والتجلى الذى غاب فى الفصول الأولى

ثمة ثراء وتشويق ومفاجأت فى الرحلة ؛

نرى الكاتب يقدم لوحة شفقية لغياب المكان وتباعده ، أو انزوائه ، فى المنقلب الرابع ..مشاهدات النفق الأخضر

يقول :

وفى هذه الأثناء ، صم أذنى طنين طيار يموج فوق سقف النفق الشجرى المتشابك . وإذا بجيش من النحل يحط على شمع المرأة الرائع ؛ فوقعت على الأرض ، وراحت تتمرغ فى التراب " صـ56

لوحات فسفسائية جميلة للمرأة الوطن وانتهاكها أمام فرسان قيدتهم خيوط وأحابيل لعبة كبيرة فى يد خفية ، يــدٌ آثمة ، ملوثة ؛

وما الخصاء الا رمز دال تتكشف أبعاده ودلالته عبر العديد من المشاهدات شديدة الوطأة والقسوة على النفس ، حتى أننا نراه فى منقلب البراهين يصل على ظهر الحوت الى البحر الميت وهناك يرى وتتكشف أمام ابن حتحوت مخلص لمقتيات منهوبة ، وصورا وتفاصيل ما كنت تخطر لأحد ببال " انتبه أمامك تابوت / مقبرة / تبة / هرم" صـ66

وعلى تخوم البحر الميت " ... وإذا بفارس ينخز جواده بهمة ، كان الحصان يرمح وراء الخنزير الأبيض المطلوق ، انتهى من الفريسة الممدودة على الشاطئ ، ويبدو أنه يتجول باحثا عن أخرى" صـ63 ولا تنهتى مطاردة الفارس للخنزير ، فيلجأ الأخير الى محمية من حمام الحما ،

مشاهد ومشاهد ، وحضور للخنازير ، والكلاب والنحل والديدان ، فى ظل غياب للعنصر البشرى الفاعل ، غياب للبطولة ، والوعى ، حالة من الخمول والتدنى ، وأصابع خفية تصف الانسان العربى عبر معمل التحاليل والعلم بتراجع وانقراض هذا الجنس البشرى الذى تزيل مؤخرة الركب الحضارى هو عدم جدواه ، أدعى للخلاص منه ؛

هذا الخطاب رغم قسوته ، هو كاشف لأحوال قوم أصابتهم العـنِّة ، ولم يعد يشغلهم من أمرهم شيئا

ربما كانت الرحلة منذ البدء دربا من الخيال والنتائح معلومة سلفا ، لكن فى ظنى أن بناء الرواية ، وشخصية ابن حتحوت واستدعاء بأقنعتها الشعبية ، وسياحتها عبر تواريخ وأزمنة ، وأمكنة متعددة ، كان يهدف الى المكاشفة ، التعرية ، المواجهة .

ساعدت اللغة بشاعريتها وكثافتها فى تجسيد الوعى ، وما يمور بداخله من اضطرابات ، وأحزان مستترة ، وثقافة أيضا منها الصالح ومنها الطالح ، فى حالة تجاور ، وتفاعل ثرى ، وكأن الرواية كانت تسعى لتك المكاشفة الضرورية ، فاختارت لنفسها لغة قادرة على المزاوجة بين الوعى والواقع والرؤى .

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

هوامش

1 ـ صلاح والى ـ رواية السلام عليكم ـ الناشر الحضارة للنشر ـ 2009

2 ـ محمد عبدالله الهادي ـ رواية عصا أبنوس ذات مقبض ذهبي ـ

كتاب الاتحاد ـ 2003

3 ـ بنية الإخفاق وآلية التحول ـ د . صلاح السروى ـ قضايا الإبداع والرؤى المعاصرة ـ مجموعة باحثين ـ هيئة قصور الثقافة ـ 2002

4 ـ أحمد محمد عبده ـ رواية مكاشفات البحر الميت ـ طبعة خاصة ـ 2008

وقد نشرت الرواية أيضا ضمن مطبوعات سلسلة خيول أدبية 2007

واعتمدنا هنا على الطبعة الخاصة


 



رجوع للصحفة الرئيسية   |  الذهاب لأرشيف الأخبار  

الصفحة ارئيسية   أرشيف الأخبار   اشترك في القائمة البريدية   دفـتر الـــزوار
الــدورة الحـالية   خريطة الموقع   اجـعلنا صفحـتك الرئيســية   وسائل الاتصال
هذا الموقع من تصميم وتطوير مركز التصميم الجرافيكي
جميع الحقوق محفوظة للهيئة العامة لقصور الثقافة - مصر