عن أغاني المهرجانات والناس (بتوع الشعب)

عن أغاني المهرجانات والناس (بتوع الشعب)

العدد 651 صدر بتاريخ 17فبراير2020

صخب كبير مر ولا يزال يمر بالحياة الثقافية والفنية عنوانه (أغاني المهرجانات) واشتعل (الفيسبوك) بآراء تنوعت بين مؤيد لقرار نقابة الموسيقيين بـ(المنع)، وأخرى رأت أن ذلك تجني لا مبرر له، وأنه يحرم (الشعبيين) من ممارسة حقهم في الغناء والفرح.
الصخب ازداد إلى حد أن بعضا من أصحاب الفريق الثاني بدأ ينشر أغاني قديمة لكبار مطربي مصر والعرب كانت تحمل من الكلمات ما يعد مخالفا للقيم مثل (هات الإزازة واقعد لاعبني..) و(إرخي الستارة اللي في ريحنا..) و(الخلاعة مذهبي..) وغيرها.
ووسط هذا التراشق بين الفريقين ضاعت القضية الأصل، ألا وهي الأسباب التي أدت إلى انتشار هذه الظاهرة التي عرفت باسم (أغاني المهرجانات)، والتي يحمل كثير من أغنياتها كلمات لا يمكنني إعادة نشرها هنا خجلا، ولكن يكفي أن من بينها ما يحرض على زنا المحارم، وأخرى تتباهى بالخيانة الجنسية باعتبارها نوعا من الشطارة والرجولة حتى لو كانت تلك الخيانات مع أم الصديق أو أخته!
أصحاب الفريق الثاني (فريق الدفاع عن حرية الغناء) رفعوا شعارا يبدو في ظاهره أنه دفاع عن الحرية، وأن لا حجر على الناس فيما يستمعون إليه. وهنا لا بد من وقفة، فأنا شخصيا يمكنني أن أتفهم الدعوة التي تقول (فلندع الناس تسمع ما تشاء) حتى لو كان هذا الذي يفرض عليهم سماعه قبحا صوتيا.. لكن أن يصل الأمر إلى القول عن ما يغنيه حمو وشاكوش وبيكا ومحاولات مقاومته: (كل محاولات التجديد في الفن كانت تلقى مقاومة من المتشددين)!.. أو يستدعي البعض أغاني من زمن فات مثل (هات الإزازة.. وفيك عشرة كوتشينة... والخلاعة مذهبي) على اعتبار أن الكبار غنوا للقباحة.. ومن ثم فالقباحة أسلوب فني!.. أو أن يصف أحدهم من يرى أن مثل هذه الأغاني ليست أغاني بأنه متعالٍ على الشعب... فذلك ما أصفه بخلط الحابل بالنابل. ومحاولة عبيطة من هؤلاء لتقديم أنفسهم باعتبارهم (بتوع الشعب)... ارفض المنع لأنك تعرف أن المنع وهم.. وأن المنع إذا بدأ سيمتد لما هو سياسي ومعارض من الفن.. لكن رفضك للمنع لا يجعلك أن تبرر وتسوق لما تعرف أنه قبيح ومفسد.. كنت أنتظر منك أن تعترف أولا بأن ما تسمعه معنا قبح.. ثم تنصحنا كيف ننقي مجتمعنا من هذا القبح دون منع أو سجن.. كأن ننير أكثر على الموهوبين.. وأن نحتفي بهم في (الاستاد).. وأن تدعو وزير التعليم بعودة حصص الموسيقى والرسم ونشاط المسرح.. وأن تدين كل من يروج لكل قبيح صغر أو كبر على الشاشات المنزلية.. وأن تدعو لمزيد من دعم الثقافة والفنون وزيادة ميزانيتها و... و... لكن أن تدعي بأنك (بتاع الشعب) بينما أنت تستشهد بـ(الخلاعة مذهبي)، فذلك ليس له أدنى علاقة لا بالشعب ولا بالحرية، هو فقط نوع من النفاق.

 


محمد الروبي