قبيل المهرجان القومي.. نحذر: لا تمنحوا اللصوص صك الاستمرار والتوغل

قبيل المهرجان القومي.. نحذر: لا تمنحوا اللصوص صك الاستمرار والتوغل

العدد 624 صدر بتاريخ 12أغسطس2019

كنت قد أشرت في مقالات سابقة لظاهرة باتت تنتشر في المسرح المصري منذ سنوات، ألا وهي الاعتماد على (الإيرادات والإقبال الجماهيري) كمعيار وحيد للحكم على جودة العرض المسرحي ومن ثم على (عبقرية) صانعه بصرف النظر عن فحوى العرض ورسالته، والأخطر صرف النظر عن حقيقة أن هذا العرض منقول بالكلمة والحركة والمشهد والملابس.وكنت منذ شهور أشرت إلى جريمة حدثت في مسرح الدولة تجاوز مقترفها كل قواعد الملكية الفكرية المتعارف عليها والموقع عليها من قبل الدولة المصرية حين وضع اسمه كـ(مؤلف) على عمل منقول بالمشهد - حركة واستعراضا وملابسا - من فيلم أمريكي. وقد حذرت حينها من أن المنتج الأمريكي لو انتبه إلى هذه القرصنة، سيضطر المنتج المصري (الذي هو وزارة الثقافة المصرية) إلى دفع أموال طائلة تعويضا عما أصاب المنتج الأمريكي من أضرار، بالإضافة إلى الفضيحة المدوية التي ستصيب سمعة الوزارة ومن ثم الدولة.لكن يبدو أن لا أحد يقرأ، أو على الأقل إن قرأ لا يستوعب حجم الخطيئة التي حذرنا منها. فمرت الجريمة، بل وتكررت بعرض آخر وعرض ثالث للسارق نفسه. وبتنا نعتاد على إعلانات متبجحة عن عروض يستعد آخرون لصناعتها تتخذ من أيقونات والت ديزني (مثلا) التي هي علامة تجارية لا يحق استخدامها إلا بإذن من صاحب حقوقها.هنا لا بد أن نذكر بكل التقدير مثالا مناقضا، ويجسده الفنان أشرف عبد الباقي الذي حين لجأ إلى عمل مسرحي أجنبي مستعيرا إياه حركة وديكورا، أصر أن يذكر ذلك علنا سواء في حواراته الصحفية أو من على خشبة مسرحه بتصريح يومي مباشر للجمهور. فاستعارة أشرف عبد الباقي لعرضه (جريما في المعادي) هي استعارة مشروعة، لأنها مدفوعة الأجر أولا، وثانيا لأنها معلنة.وإحقاقا للحق نقول إن الأمر لا يخص السارقين وحدهم، بل يخص معهم أولا المسئول المسرحي الذي وافق على إنتاج مثل هذه الأعمال، ومن بعده يخص من سمح لهذه الأعمال للمشاركة في المهرجان القومي للمسرح، ومن بعدهم لجان التحكيم الذين قبلوا على أنفسهم التحكيم وربما منح جوائز لعمل يثقون قبل غيرهم (بحكم التخصص) أنه مسروق. هنا يا سادة تكمن خطورة الجريمة التي لا تقع فقط على كاهل مقترفها الأول، بل تمتد لتطالنا جميعا (مسئولون، ومحكمون، ومتابعون)، فصمتنا لا يمنح اللصوص فقط شرعية، لكنه يعطي للأجيال المقبلة درسا مفاده أن سرقة الإبداع مجازة ما دامت ستجلب لنا الإقبال والأموال.لم يبقَ لي الآن إلا أن أعيد صرختي التي نشرتها هنا منذ شهور في وجه السارقين وهي:«... قد تكونون (مبدعين) في إخفاء معالم جرائمكم، وربما ستفرحون بتصفيق جمهور أعجبته ألاعيبكم التقنية، لكنكم أبدا لن يبقى منكم إلا سيرة خبيثة سيشتمها الدارسون من الأجيال المقبلة. ومن جانبنا نعدكم، أننا لن نكف عن فضح كل محاولة للسرقة، وإن تخفت في الألوان الزاهية وحركات البهلونات..».

محمد الروبي