هل يمكن لنا أن نعترف كمسرحيين أننا غير فاعلين بالقدر الكافي في مجتمعاتنا ، وأن من بيدهم أمرنا وأمر المسرح غير مهتمين بالقدر الكافي ، ثمة مشاريع تنموية أخرى لدي الساسة يرون أن لها الأهمية ، وحالات الإقصاء والإبعاد وتقليل كم الإنتاج وتصغير الميزانيات والروتينيات الغبية ، و....و.... تشهد على ذلك ، أضف إلى ذلك أنه لا يـُـشاهد عروضنا المسرحية التي نقدمها سواء كانت جيدة أو غير جيدة إلا نحن ... نحن من نكتب النصوص وننقد العروض المسرحية ، ونحن من يُـخرجها ومن يـُـمثلها و ... و ... ونحن أيضاً من نتفرج عليها ـ إلا من رحم ربي ـ ، نـُـجامل أنفسنا تارة ، ونهجو أنفسنا تارات أخرى ، لنعترف يا سادة أن الدائرة مـُـغلقة جداً علينا ، وتكاد تكون مـُـحكمة الإغلاق لولا رحمة بعض أصدقائنا من غير المسرحيين ومن عائلاتنا التي لا تربطهم صلة بالمسرح ، والذين يأتون لمشاهدة عروضنا بدعوات ملحة منا ، وهم في حقيقة الأمر لا يلبون هذه الدعوة إلا لأنها عبارة عن فـُـسحة قصيرة تسمح بمشاهدة عرض مسرحي يتمنون أن يكون كوميديا ومليئا بنجوم التليفزيون من الممثلين الكوميديانات المشاهير، وفـُـرصة أيضاً لكي يلتقطوا بعض الصور التذكارية مع هؤلاء الممثلين ....! ، ويا للمفارقة الغريبة التي تحدث عندما يدفع أحد هؤلاء المدعوين مائة جنية ـ لا لكي يشاهد عرضا مسرحيا ـ بل يدفعها لأحد المصورين لكي يسهل له مقابلة أحد نجوم المسرحية والتقاط صورة معه ...؟! وجود حال المسرح على هذه الوضعية المـُـنغلقة على ذاتها أو التي نتجت بفعل سياسات ثقافية تطمينية وتغييبية تــُـهدد بإلغاء المسرح كما ألغت فاعليته وتأثيره قبلاً ، وساعتها سينقرض المسرح وستصبح المباني المسرحية في ظل صعود حالة اللامبالاة والانصهار داخل بوتقة المصالح الصغيرة ، وعدم القدرة على تفهم ما يمكن أن يكون علية تأثير المسرح داخل المجتمع مـُـجرد أماكن لتقديم الحفلات الإجتماعيه والتوعويه والموسمية ، وبعض الاسكتشات المسرحية الموجهة ... وهو ليس ببعيد إذا ما استمر الحال على ما هو عليه ...أما الأخطر فهو أن تقوم الدولة وكما حدث ـ في جزء منه قبلا ـ في الستينيات بتقديم مشروعها الثقافي ومنه مشروع المسرح نفسه ، وذلك كنوع من الإملاء على المثقفين ، وذلك لعدم قدرة هؤلاء المثقفين على الاتفاق حول مشروع ثقافي حقيقي بسبب حالة التيه التي يرزحون تحتها في عوالمهم المتباعدة وجزرهم المنعزلة ، وفى هذه الحالة لن يخدم مثل هذا المشروع الثقافي ، وفى مثل ظروف اللحظة الراهنة والتي تختلف كثيرا مع ظروف الستينيات ، لن يخدم فكرة الثقافة والوعي بقدر ما سيخدم توجه السياسة الحاكمة للدولة ، وهى متغيرة بتغير من يحكم ، وهو ما يعنى أننا في هذه الحالة نبنى قيمنا الثقافية على فكرة التغير وعلى الدعائية ، وهو ما يحول الثقافة من أفكار وقيم ووعى يرتقى بالناس وبالدولة إلى نوع من الاستهلاك .. ومحاولتنا رصد الواقع المسرحي بأزماته الكثيرة هي اعتراف بفاعليته وأهميته كفن يحوي جميع الفنون والآداب الأخرى داخلة : [ الغناء ، التمثيل ، الفنون التشكيلية ، السينما ، الإذاعة ، التليفزيون ، القصة ، الشعر ، ... ] فتقديم عرض مسرحي يعني بشكل غير مباشر تقديم مجموعة كبيرة من هذه الفنون المـُـتجاورة معاً ، إذاً فالمسرح يسـوّق لنفسه ولهذه الفنون والآداب الأخرى أيضاً ، وبعد هذا الاعتراف بغياب العديد من مـُـقـوّمات فكرة وجود مسرح فاعل يـُـمكننا التفكير في خطوات عملية تجعل من فن المسرح فناً فاعلاً في زمن الأزمات والاضطرابات السياسية الحادة التي نحياها الآن.